٢٨. الزعم بوقوع تغييرات فى مصحف عثمان
زعم المبطلون بأن مصحف عثمان استحدثت به تغييرات ولم يشتمل على جميع القرآن ، وأنه أسقطت منه آيات ، ومن يزعم ذلك أبطل الإجماع على صحة ما توارثناه من نسخة القرآن ، وردّ قوله تعالى (قُلْ لَئِنِ اجْتَمَعَتِ الْإِنْسُ وَالْجِنُّ عَلى أَنْ يَأْتُوا بِمِثْلِ هذَا الْقُرْآنِ لا يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيراً) (٨٨) (الإسراء).
ومما ادّعوه : أن سورة العصر كانت «والعصر ونوائب الدهر» ، فسقطت «ونوائب الدهر» ؛ وكانت الآية : (حَتَّى إِذا أَخَذَتِ الْأَرْضُ زُخْرُفَها وَازَّيَّنَتْ وَظَنَّ أَهْلُها أَنَّهُمْ قادِرُونَ عَلَيْها أَتاها أَمْرُنا لَيْلاً أَوْ نَهاراً فَجَعَلْناها حَصِيداً كَأَنْ لَمْ تَغْنَ بِالْأَمْسِ كَذلِكَ نُفَصِّلُ الْآياتِ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ) (٢٤) (يونس) ، «حتى إذا أخذت الأرض زخرفها .. كأن لم تغن بالأمس وما كان الله ليهلكها إلا بذنوب أهلها» ، فسقط منها هذا الجزء الأخير : «وما كان الله ليهلكها إلا بذنوب أهلها» ؛ وقرءوا (قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ) بإسقاط «قل هو» ، وغيّروا لفظ «أحد» وجعلوه «الواحد» ؛ وكذلك سورة (قُلْ يا أَيُّهَا الْكافِرُونَ) ، جعلوها «قل للذين كفروا لا أعبد ما تعبدون» ؛ وادّعوا الخطأ فى مصحف عثمان فى الآية : (إِنْ تُعَذِّبْهُمْ فَإِنَّهُمْ عِبادُكَ وَإِنْ تَغْفِرْ لَهُمْ فَإِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ) (١١٨) (المائدة) بزعم أن الحكمة والعزة لا تشاكل المغفرة ، وأن الصواب أن تكون الآية هكذا : «وإن تغفر لهم فإنك أنت الغفور الرحيم» ؛ وكذلك الآية : (وَكانَ عِنْدَ اللهِ وَجِيهاً) (٦٩) (الأحزاب) ادّعوا أن صوابها «وكان عبدا لله وجيها» ؛ والآية : (لا تُحَرِّكْ بِهِ لِسانَكَ لِتَعْجَلَ بِهِ ١٦ إِنَّ عَلَيْنا جَمْعَهُ وَقُرْآنَهُ) (١٧) (القيامة) قرءوها «إن علينا قراءته» ؛ والآية : (وَلَقَدْ نَصَرَكُمُ اللهُ بِبَدْرٍ وَأَنْتُمْ أَذِلَّةٌ) (١٢٣) (آل عمران) ، جعلوها «ولقد نصركم الله ببدر بسيف علىّ وأنتم أذلة» ؛ والآية (أَأَنْتَ قُلْتَ لِلنَّاسِ) (١١٦) (المائدة) عدّلوها «أليس قلت للناس» ؛ كما عدّلوا (إِنْ هذانِ) (٦٣) (طه) إلى «إن هذين» ، بزعم أن هناك خطأ نحويا ؛ و (فَأَصَّدَّقَ وَأَكُنْ) (١٠) (المنافقون) إلى «فأصدق وأكون» ؛ وقوله تعالى : (فَبَشِّرْ عِبادِ) ١٧ (الزمر) إلى «وبشّر عبادى» ؛ وقوله : (فَما آتانِيَ اللهُ) (٣٦) (النمل) إلى «فما أتانى الله» ؛ وأشياء أخرى كثيرة قال بها أبىّ بن كعب وآخرون ، ونسبوا ما قالوه إلى صحابة كبار ، فمثلا زعموا أن عمر بن الخطاب قرأ سورة الفاتحة هكذا «غير المغضوب عليه وغير الضالين»!! ، ونحلوا على النبىّ صلىاللهعليهوسلم أنه قرأ فى سورة المسد هكذا : «تبت يدا أبى لهب وقد تب ، ما أغنى عنه ماله وما كسب ، سيصلى نارا ذات لهب ، ومريّته حمالة الحطب ، فى جيدها حبل من ليف» ؛ وحرّفوا قوله تعالى : (فَلَيْسَ لَهُ الْيَوْمَ هاهُنا حَمِيمٌ (٣٥) وَلا طَعامٌ إِلَّا مِنْ غِسْلِينٍ (٣٦) لا يَأْكُلُهُ إِلَّا الْخاطِؤُنَ) (٣٧) (الحاقة) إلى : «فليس له اليوم هاهنا حميم ، وليس له شراب إلا من غسلين ، من عين تجرى