يعزّ من يشاء ، ويذلّ من يشاء ، ومن أراد عزّ الدارين فليطع العزيز ، ومن اعتز بالعبد أذله الله ، ومن اعتز بالله أعزّه الله.
(إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ يَرْفَعُهُ ..) (١٠) : الكلام الطيب كالعمل الصالح ، كلاهما خير ، ومن الكلام الطيب : التوحيد ، والتحميد ، والتمجيد ، وذكر الله ، وذكر الناس بالطيب ، وكل كلام طيب متقبّل من المرء ، وكل كلام طيب هو عمل صالح ، والعمل هو الرافع للكلم. وكل كلام طيب إن لم يقترن بالعمل الصالح لم ينفع ، ومن يخالف قوله فعله فقوله وبال عليه ، والعمل الصالح شرط فى قبول الكلم الطيب ، والعمل تحقيق الكلم ، والعامل أكثر تعبا من القائل : قول بلا عمل كثريد بلا دسم ، وسحاب بلا مطر ، وقوس بلا وتر ، والشاعر يقول :
لا يكون المقال إلا بفعل |
|
كل قول بلا فعال هباء |
(وَمَكْرُ أُولئِكَ هُوَ يَبُورُ) (١٠) المثل يعنى أن الذين يمكرون السيئات مكرهم يبور ؛ والمكر ما عمل على سبيل الاحتيال والخديعة ، ويبور يعنى يهلك ويبطل ، تقول بارت السوق أى كسدت.
(وَما يُعَمَّرُ مِنْ مُعَمَّرٍ وَلا يُنْقَصُ مِنْ عُمُرِهِ إِلَّا فِي كِتابٍ ..) (١١) : المثل يعنى أن العمر بيد الله ، وأن لكل أجل كتاب ، وما يعمّر معمّر إلا وله أجل ، ولا يموت إلا بعد أن يستوفى أجله ، وما مضى من عمره هو النقصان ، وما يستقبل هو الذى يعمره. ومتوسط عمر الإنسان ستون عاما ، فمن بلغ الستين فهو معمّر ، والمنقوص من عمره من يموت قبل الستين ، وصلة الرحم تزيد فى العمر ، وعمل السوء ينقصه ، كقوله : (يَمْحُوا اللهُ ما يَشاءُ وَيُثْبِتُ) (الرعد ٣٩) ، ووصل العمر ومدّه وبسطه ، أو نقصانه ، إنما يكون بقضاء من الله عزوجل.
(وَما يَسْتَوِي الْبَحْرانِ هذا عَذْبٌ فُراتٌ سائِغٌ شَرابُهُ وَهذا مِلْحٌ أُجاجٌ ..) (١٢) : المثل عن المتناقضات ، والفرات هو الحلو ، وعكسه الأجاج وهو المر.
(وَلا يُنَبِّئُكَ مِثْلُ خَبِيرٍ) (١٤) : يعنى لا يقضى فى الأمر إلا من هو خبير به ، والمثل عن الله تعالى ، فلا أحد أخبر بخلقه منه تعالى.
(وَإِنْ تَدْعُ مُثْقَلَةٌ إِلى حِمْلِها لا يُحْمَلْ مِنْهُ شَيْءٌ وَلَوْ كانَ ذا قُرْبى ...) (١٨) : مثل يعنى أن كل امرئ بما كسب رهين ؛ والحمل هو حمل المرأة ؛ والمثقلة هى المرأة الحامل يثقل عليها حملها ، والتشبيه أن النفس المثقلة بالذنوب ، إن دعت آخرين ولو كانوا أقارب ، ليحملوا عنها ذنوبها ، لا يحملون منها شيئا. والناس يوم القيامة مجزيون بأعمالهم ، فحتى الأم