التحكيم
:
وانتصر معاوية ، وطار
فرحاً على ما آل إليه جيش الإمام من التمرّد والعصيان وكتب إلى الإمام رسالة جاء
فيها :
أمّا بعد ...
عافانا الله وإيّاك فقد آن لك أن تجيب إلى ما فيه صلاحنا والالفة بيننا ، وقد فعلت
وأنا أعرف حقّي ، ولكن اشتريت بالعفو صلاح الامّة ، ولا أكثر فرحا بشيء جاء ولا
ذهب ، وإنّما أدخلني في هذا الأمر القيام بالحقّ فيما بين الباغي والمبغيّ عليه ،
والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، فدعوت إلى كتاب الله فيما بيننا وبينك فإنّه
لا يجمعنا وإيّاك إلاّ هو ، نحيي ما أحيا القرآن ، ونميت ما أمات القرآن ،
والسلام.
وحفلت هذه الرسالة
بالكذب والنفاق ، فهل معاوية بن هند يعرف القرآن ويخضع له وهو وأبوه وأمّه ومعهم
الكثير من الاسر القرشية قد كفروا بالقرآن وآمنوا بأصنامهم وأوثانهم؟
ولم يعرض معاوية
إلى دم عثمان في رسالته ، وإنّما عرض إلى الكذب السافر ، فقد أعرب أنّه يبغي الأمر
بالمعروف والنهي عن المنكر ، أي معروف هذا الذي ينشده هذا الذئب الجاهلي؟ وأي منكر
ينكره؟ وهو الذي سفك دماء المسلمين وأغرق البلاد بالمحن والخطوب؟
رسالة الإمام لابن العاص :
وكتب الإمام رسالة لابن العاص يعظه
ويرشده إلى اتّباع الحقّ ، وجاء في رسالته :
«
أمّا بعد .. فإنّ الدّنيا مشغلة عن غيرها ، ولم يصب صاحبها منها شيئا إلاّ فتحت له
حرصا يزيده فيها رغبة ، ولن يستغني صاحبها بما نال عمّا لم يبلغه ،