تعالى ولا تختلفوا وتتفرّقوا ولا تتبعوا الهوى ، فإنّ في ذلك هلاككم وذهاب سعادتكم.
ومقتضى إطلاق الآية الشريفة خصوصا بعد التأكيد بقوله تعالى : (كَافَّةً) بناء على كونه تأكيدا للسلم شمولها لجميع ما يتعلّق بالشريعة المقدّسة الإسلامية بأصولها وفروعها ، فإنّ جميع ذلك سلم حقيقي للإنسان صدر عن سلام مهيمن على الكلّ.
وإرشاد إلى الدعوة إلى العقل المقرّر بالشريعة ، والشريعة المتممة للعقل ، إذ لا فرق بينهما في الواقع.
وعلى هذا يشمل جميع ما ذكر في معنى الآية ، فإنّ عنوان السّلم للحق الواقعي ينطبق على ذلك كلّه ، كما ينطبق على الإنسانية الكاملة والقرآن ، والخلافة الإلهية لتلازمها مع السّلم للحق الواقعي.
والمراد بالسّلم : السّلم الواقعي لا الادعائي ، وهو يتحقق بعد الإيمان بالله تعالى والاعتقاد بأصول الشريعة اعتقادا تاما والعمل بما اعتقده ، وجميع ما ورد في الروايات في تفسير هذه الآية الكريمة وما ذكره المفسرون ليس إلا من بيان التطبيق والمصداق ، وعمومها يشمل السّلم الشخصي والنوعي ، والدّنيوي والاخروي لانطواء الكلّ في السّلم الذي يدعو إليه عزوجل.
وتشمل الآية الحدوث والبقاء ، والثاني أشدّ من الأول بمراتب ويعلم من ذلك كلّه كثرة ما عليه الناس من المخالفة لمثل هذه الآية.
ومفهومها الالتزامي يدل على أنّ مخالفة السّلم للحق المطلق لا يكون إلا باطلا ، فيكون ذيل الآية بيانا للمفهوم الالتزامي المستفاد من صدر الآية المباركة.
وإنّما عبرّ سبحانه وتعالى ب «السّلم» دون الإسلام لمحبوبية السّلم حتّى عند المنافقين أيضا ، فيكون مفاد الآية نظير قوله تعالى : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا آمِنُوا بِاللهِ وَرَسُولِهِ وَالْكِتابِ الَّذِي نَزَّلَ عَلى رَسُولِهِ) [النساء ـ ١٣٦].