قال بعضهم : المراد بالأحمر الأبيض ، كما فسّر به حديث (١) «بعثت إلى الأحمر والأسود». وقال شمر : سموا الأبيض أحمر تطيّرا بالأبرص ، حكاه عن أبي عمرو بن العلاء. ويظهر أنّه لا حاجة إلى هذا ، فإنّ طلوع الفجر يصحبه حمرة. وفي (القاموس) الفجر ضوء الصباح ، وهو حمرة الشمس في سواد الليل. فافهم.
وقال الحافظ عبد الرزاق في (مصنّفه) : أخبرنا ابن جريج عن عطاء : سمعت ابن عباس يقول : هما فجران ، فأمّا الذي يسطع في السماء فليس يحلّ ولا يحرّم شيئا ، لكن الفجر الذي يستنير على رؤوس الجبال هو الذي يحرم الشراب!. وقال عطاء : فأما إذا سطع سطوعا في السماء ـ وسطوعه أن يذهب في السماء طولا ـ فإنه لا يحرم به شراب للصائم ، ولا صلاة ، لا يفوت به الحجّ. ولكن إذا انتشر على رؤوس الجبال حرم الشراب للصيام ، وفات الحجّ.
قال ابن كثير : وهذا إسناد صحيح إلى ابن عباس وعطاء. وهكذا روي عن غير واحد من السلف. رحمهمالله ..! انتهى.
(ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيامَ) أي : صرم كلّ يوم (إِلَى اللَّيْلِ) أي : إلى ظهور الظلمة من قبل المشرق وذلك بغروب الشمس. وكلمة (إلى) تفيد أنّ الإفطار عند غروب الشمس. كما جاء في (الصحيحين) (٢) عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : إذا أقبل الليل من هاهنا ، وأدبر النهار من هاهنا وغربت الشمس فقد أفطر الصائم.
قال ابن القيّم : أي أفطر حكما وإن لم ينوه. أو دخل في وقت فطره ، كما في : أصبح وأمسى.
وقد كان صلىاللهعليهوسلم يعجل الفطر ويحضّ عليه ، كما في (الصحيحين) (٣) : لا يزال
__________________
(١) أخرجه الدارميّ في : السير ، ٢٨ ـ باب الغنيمة لا تحل لأحد قبلنا. ونصه : عن أبي ذرّ أن النبي صلىاللهعليهوسلم قال : أعطيت خمسا لم يعطهن نبيّ قبلي : بعثت إلى الأحمر والأسود ، وجعلت لي الأرض مسجدا وطهورا ، وأحلّت لي الغنائم ، ولم تحل لأحد قبلي ، ونصرت بالرعب شهرا ، يرعب مني العدوّ مسيرة شهر ، وقيل لي ، سل تعطه ، فاختبأت دعوتي شفاعة لأمتي ، وهي نائلة منكم ، إن شاء الله تعالى ، من لا يشرك بالله شيئا.
(٢) أخرجه البخاريّ في : الصوم ، ٤٣ ـ باب متى يحلّ فطر الصائم.
ومسلم في : الصيام ، حديث ٥١ (طبعتنا) ونصه : إذ أقبل الليل ، وأدبر النهار ، وغابت الشمس ، فقد أفطر الصائم.
(٣) أخرجه البخاريّ في : الصوم ، ٤٥ ـ باب تعجيل الإفطار ، عن سهل بن سعد.
ومسلم في : الصيام ، حديث ٤٨.