لِكُلِّ أَوَّابٍ حَفِيظٍ ، مَنْ خَشِيَ الرَّحْمنَ بِالْغَيْبِ وَجاءَ بِقَلْبٍ مُنِيبٍ» (١).
فوعد الله بالجنة يكون لكل راجع عن معصية الله لطاعته ، واذا ذكر الله في الخلاء ذكر ذنوبه فاستغفر منها ، وهو حفيظ على فرائض الله وما استودعه من حقه ونعمته.
يقول الطبري في تفسير الآية : «وأولى الاقوال في ذلك بالصواب أن يقال : ان الله تعالى ذكره وصف هذا التائب الأواب بأنه حفيظ ، ولم يخص به حفظ نوع من أنواع الطاعات دون نوع ، فالواجب أن يعم كما عمم جل ثناؤه ، فيقال : هو حفيظ لكل ما قربه من ربه من الفرائض والطاعات ، والذنوب التي سلفت منه للتوبة منها والاستغفار.
وقد ذكرت الآيات هنا أن الاواب من صفاته أنه من خاف عقاب الذي وسعت رحمته كل شيء وهو غائب عنه لم يره ، وجاء في الآخرة بقلب راجع اليه تعالى.
وقال الفخر الرازي في تفسير الأوّاب الحفيظ في الآية السابقة هذه هذه العبارة : «والأوّاب الرجّاع ، قيل هو الذي يرجع من الذنوب ويستغفر ، والحفيظ الحافظ الذي يحفظ توبته من النقض. ويحتمل أن يقال : الاوّاب هو الرّجاع الى الله بفكره ، والحفيظ الحافظ الذي يحفظ في ذكره ، أي يرجع اليه بالفكر ، فيرى كل شيء واقعا به وموجودا منه ، ثم انتهى اليه حفظه بحيث لا ينساه عند الرخاء والنعماء. والاواب والحفيظ كلاهما من باب المبالغة ، أي يكون كثير الاوب شديد الحفظ. وفيه وجوه أخر أدق ، وهو أن الاواب هو الذي رجع عن متابعة هواه في الاقبال على ما سواه ، والحفيظ هو الذي اتقى الشرك والتعطيل ، ولم ينكره ولم يعترف بغيره ، والاواب هو
__________________
(١) سورة ق ، الآية ٣١ ـ ٣٣.