للرشاد ، ويرفضه من غلب عليه الغيّ والفساد ، بمقارفة أسبابه من الغرو بالغنى والجاه ، والكبر وهو غمط الحق ، واحتقار المتكبر لمن يزدري من الناس ، وتعصبه لما كان عليه الآباء والاجداد ، واتباع الهوى وحب الشهوات المانعة من طاعة الله. فمعنى ارادة الله تعالى لاغوائهم اقتضا سنتهم فيهم أن يكونوا من الغاوين ، لا خلقه للغواية فيهم جزافا أنفا (بضمتين) أي ابتداء بغير عمل ولا كسب منهم لاسبابها ، فان هذا مضاد لمذهب أهل السنة في اثبات خلق الأشياء مقدرة بأقدارها ، ترتبط أسبابها بمسبباتها.
ومعنى قوله : «هو ربكم واليه ترجعون» هو أنه مالك أموركم ومدبرها ومسيرها على سننه المطردة في الدنيا ، ولكل شيء عنده قدرا ولكل قدر أجل ، واليه ترجعون في الآخرة ، فيجزيكم بأعمالكم خيرها وشرها ، لا يظلم أحدا.
وينبغي ألا نغفل عن أن الناصح قد يكون مخادعا فلا تفيد نصيحته. وهذا الناصح المخادع قد يحس بالريبة والانكشاف ونحن نتذكر هنا أن اخوة يوسف عليهالسلام قد وقفوا هذا الموقف كما جاء في سورة يوسف
«قالُوا يا أَبانا ما لَكَ لا تَأْمَنَّا عَلى يُوسُفَ وَإِنَّا لَهُ لَناصِحُونَ».
قالوا : أي شبهة عرضت لك فجعلتك لا تأمنا على يوسف ، وكأنهم أحسوا أنه قد ارتاب فيهم على حد قول القائل : «كاد المريب أن يقول خذوني».
ولعل شعورهم بارتيابه فيهم هو الذي جعلهم يؤكدون كلامهم كل هذا التأكيد.