حين يتمسك صاحبها بالرجوع الى كتاب الله وسنة رسوله ، يتقيد بهما ، ويسير على ضوئهما ، ويستمد منهما ، وقد تكون فضيلة جماعية حين يلتقي أبناء القرآن وأتباع محمد عليه الصلاة والسلام فيعتصمون بالقرآن والسنة يتخذونهما اماما لهم في أمور دينهم وأمور دنياهم.
ويقرر ابن القيم في «مدارج السالكين» أن الاعتصام نوعان : الاعتصام بحبل الله ، والاعتصام بالله ، والاعتصام بحبل الله هو المحافظة على طاعته ، مراقبا لأمره ـ كما يعبر الهروي ـ والاعتصام بالله هو التوكل عليه ، والاحتماء به ، وهو الترقي عن كل موهوم ، أي عن كل ما سوى الله تعالى.
يقول ابن القيم : «فأما الاعتصام بحبله فانه يعصم من الضلالة ، والاعتصام به يعصم من الهلكة ، فان السائر الى الله كالسائر على طريق نحو مقصده ، فهو محتاج الى هداية الطريق والسلامة فيها ، فلا يصل الى مقصده الا بعد حصول هذين الامرين له ، فالدليل كفيل بعصمته من الضلالة ، وأن يهديه الى الطريق ، والعدة والقوة والسلاح التي بها تحصل له السلامة من قطاع الطريق وآفاتها.
فالاعتصام بحبل الله يوجب له الهداية واتباع الطريق ، والاعتصام بالله يوجب له القوة والعدة والسلاح ، والمادة التي يستلئم بها في طريقه».
* * *
ويقرر كتاب الله في آية اخرى أن المعتصمين بالله يحشرهم ربهم مع المؤمنين المجزيين بأحسن الجزاء فيقول في سورة النساء :
«إِنَّ الْمُنافِقِينَ فِي الدَّرْكِ الْأَسْفَلِ مِنَ النَّارِ وَلَنْ تَجِدَ لَهُمْ نَصِيراً ، إِلَّا الَّذِينَ تابُوا وَأَصْلَحُوا وَاعْتَصَمُوا بِاللهِ