فهذا أمر الهي باجتناب كثير من الظنون ، حتى لا يتركوا أنفسهم نغرق فيما يهجس بداخلها من ظنون وشكوك ، وكأن الآية الكريمة تنهى عن أن يتلوث الانسان بالظن السيء فيقع في الاثم ، وتحث على أن يظل الانسان طاهر القلب نقي الصدر بريء الساحة ، يطوي فؤاده على حسن الظن بالناس.
ولقد تحدث القرآن حديث التعريض بالذين يفتحون على أنفسهم باب الظن السيء بالله حتى في أشد الاحوال وأقسى الظروف ، فذلك حيث يقول في سورة الاحزاب :
«إِذْ جاؤُكُمْ مِنْ فَوْقِكُمْ وَمِنْ أَسْفَلَ مِنْكُمْ وَإِذْ زاغَتِ الْأَبْصارُ وَبَلَغَتِ الْقُلُوبُ الْحَناجِرَ وَتَظُنُّونَ بِاللهِ الظُّنُونَا».
ومن الواضح أن سوء الظن ـ دون موجب ـ يؤدي الى الاتهام المتعجل ، وتتبع العورات ، وتسقّط الهفوات ، والتجسس الدنيء. وغير ذلك من الآثام.
* * *
ولقد روى البخاري ومسلم في الحديث القدسي قول رب العزة : أنا عند ظن عبدي بي» أي قادر على أن أعمل به ما ظن اني عامل به ، وكأن هذه اشارة الى ترجيح جانب الامل والرجاء على جانب الخوف ، أو تغليب جانب حسن الظن على جانب سوء الظن.
وفي الحديث الصحيح : «اياكم والظن فان الظن أكذب الحديث». أراد اياكم وسوء الظن وتحقيقه ، أو أراد الشك يعرض للانسان في السيء فبحققه ويحكم به. ويروي أبو داود بسند صالح ان الرسول صلوات الله