وقال بعض الشيوخ لرويم الصوفي رحمهالله : أوصني بوصية.
فقال له : يا بني ، ليس غير بذل الروح ، فان قدرت على ذلك ، والا فلا تشتغل بترهات الصوفية.
وقال رجل لابي بكر البارزي : أوصني.
فقال له : احذر الفتك ، وعادتك ، والسكون الى راحتك.
وأوصى ذو النون بعض أصحابه فقال له في نصيحته : يا أخي ، اعلم أنه لا شرف أعلى من الاسلام ، ولا كرم أعز من التقوى ، ولا عقل أحرز من الورع ، ولا شفيع أنجح من التوبة ، ولا لباس أجل من العافية ، ولا وقاية أمنع من السلامة ، ولا كنز أغنى من القنوع ، ولا مال أذهب للفاقة من الرضا بالقوت ، ومن اقتصر على بلغة الكفاف فقد انتظم الراحة ، والرغبة مفتاح التعب ومطية النصب ، والحرص داع الى التقحم في الذنوب ، والشره جامع لمساوىء الذنوب ، وربّ طمع كاذب وأمل خائب ورجاء يؤدي الى الحرمان وإرباح يؤول الى الخسران.
وهذا غيض من فيض ، فما أكثر الوصايا والنصائح والتوجيهات التي تبادلها هؤلاء القوم ، وفاضت بها كتبهم ومصادرهم.
ألا ما أجمل المجتمع حين تعمه روح التواصي بالخير ، ويشيع فيه توجيه النصيحة المخلصة ، وتقبل الوصية النافعة. انه مجتمع الاسلام والايمان ، وموطن الرضى من الرحمن.