مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ) [النساء : ١١] وقوله في آية الكلالة : (وَهُوَ يَرِثُها إِنْ لَمْ يَكُنْ لَها وَلَدٌ) [النساء : ١٧٦]. وقوله : (وَإِنْ كانُوا إِخْوَةً رِجالاً وَنِساءً فَلِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ) [النساء : ١٧٦] فاقتضى أن ما بقي ، بعد الفرائض المذكورة ، فللعصبة. وبقي من ذلك ما كان من العصبة غير هؤلاء المذكورين ، كالجدّ والعم وابن العم وأشباههم. فقال عليهالسلام : «ألحقوا الفرائض بأهلها. فما بقي فهو لأولى رجل ذكر» (١) : وفي رواية فلأولى عصبة ذكر. فأتى هذا على ما بقي مما يحتاج إليه ، بعد ما نبه الكتاب على أصله.
والسادس : أن الله تعالى ذكر من تحريم الرضاعة قوله : (وَأُمَّهاتُكُمُ اللَّاتِي أَرْضَعْنَكُمْ وَأَخَواتُكُمْ مِنَ الرَّضاعَةِ) [النساء : ٢٣] فألحق النبيّ عليهالسلام ، بهاتين ، سائر القرابات من الرضاعة التي يحرمن من النسب. كالعمة والخالة وبنت الأخ وبنت الأخت وأشباه ذلك. وجهة إلحاقها هي جهة الإلحاق بالقياس إذ ذاك ، من باب القياس بنفي الفارق. نصّت عليه السنة إذ كان لأهل الاجتهاد سوى النبيّ عليهالسلام ، في ذلك ، نظر. وتردد بين الإلحاق والقصر على التعبد ، فقال عليه الصلاة والسلام «إن الله حرم من الرضاع ما حرم من النسب» (٢)
وسائر ما جاء في هذا المعنى. ثم ألحق بالإناث الذكور ، لأن اللبن للفحل. ومن جهة درّ المرأة ، فإذا كانت المرأة بالرضاع فالذي له اللبن أم بلا إشكال.
والسابع : أن الله حرم مكة بدعاء إبراهيم. فقال : (رَبِّ اجْعَلْ هذا بَلَداً آمِناً) [البقرة : ١٢٦] وقال تعالى : (أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا جَعَلْنا حَرَماً آمِناً) [العنكبوت : ٦٧]. وذلك حرم مكة ، فدعا رسول الله صلىاللهعليهوسلم ربه للمدينة بمثل ما دعا إبراهيم لمكة. ومثله معه. فأجابه الله. وحرم ما بين لابتيها فقال «إني أحرم ما بين لابتي المدينة أن يقطع عضاهها أو يقتل صيدها» (٣). وفي رواية «ولا يريد أحد أهل المدينة بسوء إلا أذابه الله في النار ذوب الرصاص أو ذوب الملح في الماء» (٤). وفي حديث آخر «فمن أحدث فيها حدثا أو آوى محدثا فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين. لا يقبل
__________________
(١) أخرجه البخاري في الفرائض ، باب ميراث الولد من أبيه وأمه.
(٢) أخرجه الترمذي في الرضاع ، باب ما جاء يحرم من الرضاع ما يحرم من النسب.
(٣) أخرجه مسلم في الحج ، حديث رقم ٤٥٩.
(٤) أخرجه مسلم في الحج ، حديث رقم ٤٦٠.