فضع كلّ أمر موضعه ، وأوقع كلّ عمل موقعه.
وإيّاك والاستئثار بما النّاس فيه أسوة (١) ، والتّغابي عمّا تعنى به ممّا قد وضح للعيون ، فإنّه مأخوذ منك لغيرك. وعمّا قليل تنكشف عنك أغطية الأمور ، وينتصف منك للمظلوم. املك حميّة أنفك (٢) ، وسورة حدّك (٣) ، وسطوة يدك ، وغرب لسانك ، واحترس من كلّ ذلك بكفّ البادرة ، وتأخير السّطوة ، حتّى يسكن غضبك فتملك الاختيار ؛ ولن تحكم ذلك من نفسك حتّى تكثر همومك بذكر المعاد إلى ربّك.
ووضع الإمام عليهالسلام بعض المناهج التربوية لسلوك وإليه وهي :
ـ انّه نهى عن العجلة في الامور التي ليس وراءها إلاّ الفشل والخيبة ، وأوصى بالتروي فإنّه مفتاح النجاح ، وإذا اتّضحت الامور وظهرت فعليه المبادرة للفعل أو الكفّ. واللازم أن يضع كلّ أمر موضعه وفي محلّه.
ـ ونهى الإمام عليهالسلام وإليه من الاستئثار بما الناس فيه اسوة ، فليس له من سبيل أن يستأثر بشيء يعود لجميع المواطنين ، فإنّ ذلك ينمّ عن الشره والطمع ، وذلك ممّا لا يليق بالوالي النزيه ... هذه بعض النقاط التي حفل بها هذا المقطع.
عرض الإمام عليهالسلام في عهده لمالك إلى بطانة الولاة الذين يتّخذوهم الولاة مستشارين لهم ، وقد حذّره من الاتّصال بالأصناف التالية :
١ ـ من يذكرون عيوب الناس تقرّبا إلى السلطة ، وذلك بإظهار الاخلاص لها ،
__________________
(١) اسوة : المراد أن لا يستأثر بشيء من أموال الدولة بما يكون الناس فيه اسوة.
(٢) حمية أنفك : المراد به الإباء.
(٣) سورة حدّك : السورة الحدّة.