مقرة (١) بلى! كانت في أيدينا فدك من كلّ ما أظلّته السّماء ، فشحّت عليها نفوس قوم (٢) ، وسخت عنها نفوس قوم آخرين ، ونعم الحكم الله.
وما أصنع بفدك وغير فدك ، والنّفس مظانّها في غد جدث تنقطع في ظلمته آثارها ، وتغيب أخبارها ، وحفرة (٣) لو زيد في فسحتها ، وأوسعت يدا حافرها ، لأضغطها الحجر والمدر ، وسدّ فرجها التّراب المتراكم ؛ وإنّما هي نفسي اروضها بالتّقوى لتأتي آمنة يوم الخوف الأكبر ، وتثبت على جوانب المزلق (٤). ولو شئت لاهتديت الطّريق ، إلى مصفّى هذا العسل ، ولباب هذا القمح ، ونسائج هذا القزّ (٥).
ولكن هيهات أن يغلبني هواي ، ويقودني جشعي إلى تخيّر الأطعمة ـ ولعلّ بالحجاز أو اليمامة من لا طمع له في القرص ، ولا عهد له بالشّبع ـ أو أبيت مبطانا وحولي بطون غرثى وأكباد حرّى ، أو أكون كما قال القائل :
وحسبك داء أن
تبيت ببطنة |
|
وحولك أكباد
تحنّ إلى القدّ (٦) |
أ أقنع من نفسي بأن يقال : هذا أمير المؤمنين ، ولا أشاركهم في مكاره
__________________
(١) مقرة : الشيء المرّ.
(٢) أشار بذلك إلى تأميم فدك من قبل أبو بكر.
(٣) الحفرة : أراد بها القبر.
(٤) المزلق : هو الصراط.
(٥) القزّ : ما يصنع منه الحرير.
(٦) القدّ : جلد الشاة غير المدبوغ.