تعالى : (وَدُّوا لَوْ تَكْفُرُونَ كَما كَفَرُوا) [سورة النساء ، الآية : ٨٩] إشارة إلى ذلك بنحو مطلق.
قوله تعالى : (فَاعْفُوا وَاصْفَحُوا). العفو : ترك المؤاخذة على الذنب. والصفح : إزالة أثره عن النفس ، والاعراض عن المذنب بصفحة الوجه ، وهما والتجاوز بمعنى واحد ، وهي من مكارم الأخلاق. أي عاملوا النّاس بمكارم الأخلاق من العفو والصفح والإغماض عنهم وحسن المعاشرة معهم حتّى يشتد أمركم ، وتغلب شوكتكم ، ويمكّنكم الله منهم فتعملوا فيهم بما هو الصّلاح.
وفي الآية المباركة إيماء إلى أن المسلمين مع قلتهم حين ذاك هم أصحاب القدرة والمنعة ، فإن العفو والصفح إنما يطلبان من القادر. وفيها البشارة بالغلبة وتأييدهم بالعناية الإلهية.
قوله تعالى : (حَتَّى يَأْتِيَ اللهُ بِأَمْرِهِ). من القتل ، أو الطرد والجلاء ونحو ذلك. والمراد من الأمر الأعم من التشريعي وهو الجهاد والتكويني.
وفيه البشارة للمؤمنين بوعدهم التأييد والنصر والغلبة ، كما أن فيه التهديد للكافرين على أن لا يتعرضوا للمسلمين بسوء فإنهم في حصن الله تعالى.
والسياق يدل على أن الصفح والعفو محدود بزمان خاص بقرينة آيات أخرى وردت في الجهاد والقتال ، فهذه الآية المباركة منسوخة بتلك الآيات ، بل نفس هذه الآية الشريفة مغياة بغاية خاصة فلا معنى للنسخ الحقيقي حينئذ.
قوله تعالى : (إِنَّ اللهَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ). تأكيد للوعد الذي وعده للمؤمنين.
قوله تعالى : (وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكاةَ). بعد أن أمرهم بالعفو والصفح ، والمداراة مع الأعداء ليأمنوا من كيدهم ظاهرا ويجلبوا قلوبهم إلى الإسلام واقعا أمرهم تعالى بأقوى أسباب الاتصال بينهم وبين الله عزّ