إلينا أن مورد النسخ التشريعيات ، والبداء مورده التكوينيات ، وهذا الاختلاف بحسب المتعلق لا بحسب الذات.
وروي أيضا : «إن موت إمام وقيام آخر مقامه من النسخ».
أقول : ظهر وجهه مما تقدم من أن النسخ بمعنى مطلق التحويل أي تحويل الامامة من إمام إلى امام آخر.
وفي تفسير النعماني عن أمير المؤمنين (عليهالسلام) ذكر عدة آيات من الناسخ والمنسوخ منها قوله تعالى : (وَما خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ) نسخه قوله عزوجل : (وَلا يَزالُونَ مُخْتَلِفِينَ إِلَّا مَنْ رَحِمَ رَبُّكَ وَلِذلِكَ خَلَقَهُمْ) أي للرحمة خلقهم.
أقول : إن المراد من النسخ بالمعنى الأعم أي مطلق التحويل وإلّا فخلق الجن والإنس ليعبدون أي ليأمرهم بالعبادة كما في جملة من الأخبار ، وهو عبارة اخرى عن خلقهم للرحمة بعد امتثال الأمر.
وفيه أيضا قال (عليهالسلام): ونسخ قوله تعالى : (وَإِنْ مِنْكُمْ إِلَّا وارِدُها كانَ عَلى رَبِّكَ حَتْماً مَقْضِيًّا) قوله تعالى : (الَّذِينَ سَبَقَتْ لَهُمْ مِنَّا الْحُسْنى أُولئِكَ عَنْها مُبْعَدُونَ لا يَسْمَعُونَ حَسِيسَها وَهُمْ فِي مَا اشْتَهَتْ أَنْفُسُهُمْ خالِدُونَ لا يَحْزُنُهُمُ الْفَزَعُ الْأَكْبَرُ).
أقول : هذا من سنخ التخصص بالنسبة إلى الآية الأولى. ولا ينافي ذلك قوله تعالى : (كانَ عَلى رَبِّكَ حَتْماً مَقْضِيًّا) لفرض الخروج الموضوعي.
فما في بعض التفاسير من المنافاة بأنه لا وجه لتخصيص القضاء الحتم مغالطة بين التخصيص والتخصص. مع أنه لو كان القضاء الحتم تحت اختياره تعالى من كل جهة حدوثا وبقاء يصح التخصيص بالنسبة إليه أيضا ، وإنما أظهره تعالى بصورة التعميم والحتم لمصالح في ذلك.
وعن الواحدي في أسباب النزول في قوله تعالى : (ما نَنْسَخْ مِنْ آيَةٍ أَوْ نُنْسِها) ـ الآية : إن المشركين قالوا : ألا ترون إلى محمد يأمر أصحابه