وعقبة بن عامر بن نابي (١) ، وجابر بن عبد الله [بن رئاب](٢) ، فقال لهم رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «من أنتم»؟ قالوا : نفر من الخزرج؟ قال : «أمن موالي يهود»؟ قالوا : نعم ، قال : «أفلا تجلسون حتى أكلّمكم؟» قالوا : بلى ، فجلسوا معه فدعاهم إلى الله عزوجل وعرض عليهم الإسلام وتلا عليهم القرآن ، قالوا : وكان مما صنع الله لهم به في الإسلام أن يهود كانوا معهم ببلادهم [وكانوا أهل كتاب وعلم وهم](٣) كانوا أهل أوثان وشرك ، وكانوا إذا كان بينهم (٤) شيء قالوا : إن نبيا الآن مبعوث قد أظل زمانه ، نتّبعه ونقتلكم معه قتل عاد وإرم ، فلمّا كلّم رسول الله صلىاللهعليهوسلم أولئك النفر ودعاهم إلى الله عزوجل قال بعضهم لبعض : يا قوم تعلمون والله إنه النبيّ الذي توعّدكم به يهود ، فلا يسبقنّكم إليه ، فأجابوه وصدّقوه وأسلموا ، وقالوا : إنا قد تركنا قومنا ولا قوم بينهم من العداوة والشرّ ما بينهم ، وعسى الله أن يجمعهم بك ، وسنقدم عليهم فندعوهم إلى أمرك ، فإن جمعهم الله عليك فلا رجل أعزّ منك ، ثم انصرفوا عن رسول الله صلىاللهعليهوسلم راجعين إلى بلادهم قد آمنوا به صلىاللهعليهوسلم [وصدّقوه](٥) ، فلما قدموا المدينة ذكروا لهم رسول الله صلىاللهعليهوسلم ودعوهم إلى الإسلام ، حتى فشا فيهم فلم يبق دار من دور الأنصار إلا وفيها ذكر من رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، حتى إذا كان العام المقبل ، أتى الموسم من الأنصار اثنا عشر رجلا وهم : أسعد بن زرارة ، وعوف ومعاذ ابنا عفراء ، ورافع بن مالك [بن العجلان](٦) ، وذكوان بن عبد قيس (٧) ، وعبادة بن الصامت ، ويزيد بن ثعلبة ، وعباس بن عبادة ، وعقبة بن عامر ، وقطبة بن عامر ، وهؤلاء خزرجيّون ، وأبو الهيثم بن التيهان وعويم بن ساعدة من الأوس ، فلقوه بالعقبة وهي العقبة الأولى ، فبايعوا رسول الله صلىاللهعليهوسلم على بيعة النساء ، على أن لا يشركوا بالله شيئا ولا يسرقوا ولا يزنوا ، إلى آخر الآية ، «فإن وفيتم فلكم الجنّة ، وإن غشيتم شيئا من ذلك فأخذتم بحدّه في الدنيا فهو كفارة له ، وإن ستر عليكم فأمركم إلى الله إن شاء عذّبكم وإن شاء غفر لكم» ، قال : وذلك قبل أن يفرض عليهم الحرب ، قال : فلمّا انصرف القوم بعث معهم رسول الله صلىاللهعليهوسلم مصعب بن عمير بن هاشم بن عبد مناف ، وأمره أن يقرئهم القرآن ويعلّمهم الإسلام ويفقههم في الدين ، وكان مصعب يسمى بالمدينة المقرئ ، وكان منزله على أسعد بن زرارة ، ثم إن أسعد بن زرارة خرج بمصعب فدخل به حائطا من حوائط بني ظفر ، فجلسا في الحائط فاجتمع إليهما رجال ممن أسلم ، فقال سعد بن معاذ لأسيد بن حضير : انطلق إلى هذين الرجلين اللذين قد أتيا دارنا ليسفّها ضعفاءنا فازجرهما ، فإن أسعد بن زرارة ابن خالتي [معهم](٨) ، ولو لا ذلك لكفيتكه ، وكان سعد بن معاذ وأسيد بن حضير سيّدي قومهما من بني عبد الأشهل وهما مشركان ، فأخذ أسيد بن حضير حربته ثم أقبل إلى مصعب وأسعد وهما جالسان في الحائط ، فلما رآه أسعد بن زرارة قال لمصعب : هذا والله سيد قومه قد جاءك ، فاصدق الله فيه ، قال مصعب : إن يجلس أكلمه ، قال : فوقف عليهما متشتّما ، فقال : ما جاء بكما إلينا تسفهان ضعفاءنا؟ اعتزلا إن كانت لكما في أنفسكما حاجة ، فقال له مصعب : أو تجلس فتسمع؟ فإن رضيت أمرا قبلته ، وإن كرهته كفّ عنك ما تكره ، قال : أنصفت ، ثم ركّز حربته وجلس إليهما ، فكلمه مصعب بالإسلام وقرأ عليه القرآن ، [فقالا](٩) : والله لعرفنا في وجهه الإسلام قبل أن يتكلّم في إشراقة (١٠) وجهه وتسهّله ، ثم قال : ما أحسن هذا وأجمله! كيف تصنعون إذا
__________________
(١) في المطبوع «بابي» وفي المخطوط «بادي» والمثبت عن «السيرة النبوية» (٢ / ٥٥) ونسخة ـ ط.
(٢) زيادة تزيل الالتباس ، فإنه غير جابر بن عبد الله بن حرام.
(٣) سقط من المطبوع.
(٤) في المطبوع «منهم».
(٥) زيادة عن المخطوط.
(٦) في المطبوع «العجلاني».
(٧) في المطبوع «القيس».
(٨) زيادة عن المخطوط.
(٩) زيادة عن المخطوط و «السيرة».
(١٠) في المطبوع «إشراق».