قائمة الکتاب

إعدادات

في هذا القسم، يمكنك تغيير طريقة عرض الكتاب
بسم الله الرحمن الرحيم

تفسير البغوي [ ج ١ ]

387/728
*

إلى بني عمرو بن عمير ، ناس من ثقيف ، فجاء الإسلام ولهما أموال عظيمة في الرّبا ، فأنزل تعالى هذه الآية ، فقال النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وسلم في حجّة الوداع في خطبته يوم عرفة :

«ألا كلّ شيء من أمر الجاهلية تحت قدمي موضوع ، ودماء الجاهلية موضوعة ، وإن أول دم أضع من دمائنا دم ابن ربيعة بن الحارث كان مسترضعا في بني سعد فقتلته هذيل (١) ، وربا الجاهلية موضوعة كلّها ، وأول ربا أضع ربا العباس بن عبد المطلب ، فإنها موضوعة كلّها».

ع [٣٣٤] وقال مقاتل : نزلت في أربعة إخوة من ثقيف [وهم](٢) : مسعود وعبدياليل وحبيب وربيعة ، وهم بنو عمرو بن عميرة بن عوف الثقفي ، كانوا يداينون بني المغيرة بن عبد الله بن عمير بن مخزوم ، وكانوا يرابون فلما ظهر النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وسلم على الطائف أسلم هؤلاء الإخوة فطلبوا رباهم من بني المغيرة ، فقال بنو المغيرة : والله ما نعطي الربا في الإسلام وقد وضعه الله تعالى عن المؤمنين ، فاختصموا إلى عتّاب بن أسيد ، وكان عامل رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم على مكة ، فكتب عتاب بن أسيد إلى النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وسلم بقصّة الفريقين ، وكان ذلك مالا عظيما ، فأنزل الله تعالى : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللهَ وَذَرُوا ما بَقِيَ مِنَ الرِّبا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ (٢٧٨)).

(فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ مِنَ اللهِ وَرَسُولِهِ وَإِنْ تُبْتُمْ فَلَكُمْ رُؤُسُ أَمْوالِكُمْ لا تَظْلِمُونَ وَلا تُظْلَمُونَ (٢٧٩) وَإِنْ كانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلى مَيْسَرَةٍ وَأَنْ تَصَدَّقُوا خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ (٢٨٠)).

(فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا) ، أي : إذا لم تذروا ما بقي من الرّبا ، (فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ مِنَ اللهِ وَرَسُولِهِ) ، قرأ حمزة وعاصم برواية أبي بكر «فآذنوا» فالمدّ ، على وزن آمنوا ، أي : فأعلموا غيركم أنكم حرب لله ورسوله ، وأصله من الأذن ، [أي : وقعوا في الأذان](٣) ، وقرأ الآخرون (فَأْذَنُوا) مقصورا بفتح الذال ، أي : فاعلموا أنتم وأيقنوا بحرب من الله ورسوله ، قال سعيد بن جبير عن ابن عباس رضي الله عنهما : يقال لآكل الربا يوم القيامة : خذ سلاحك للحرب ، قال أهل المعاني : حرب الله النار ، وحرب رسول الله السيف ، (وَإِنْ تُبْتُمْ) ، أي : تركتم استحلال الربا ورجعتم عنه ، (فَلَكُمْ رُؤُسُ أَمْوالِكُمْ لا تَظْلِمُونَ) ، بطلب الزيادة (وَلا تُظْلَمُونَ) ، بالنقصان عن رأس المال ، فلما نزلت [هذه](٤) الآية قال بنو عمرو الثقفي ومن كان يعامل بالربا من غيرهم](٥) : بل نتوب إلى الله فإنه لا يدان لنا بحرب الله ورسوله ، فرضوا برأس المال فشكا بنو المغيرة العسرة ، وقالوا : أخرونا إلى أن تدرك الغلات فأبوا أن يؤخروا ، فأنزل الله تعالى :

__________________

ع [٣٣٤] ـ عزاه المصنف لمقاتل ، والإسناد إليه تقدم في أول الكتاب ، وهذا مرسل ، وأخرجه أبو يعلى ٢٦٦٨ ومن طريقه الواحدي في «أسباب النزول» (١٨٣) عن الكلبي ، عن أبي صالح ، عن ابن عباس به. وإسناده ضعيف جدا ، الكلبي متروك ، وأبو صالح لم يلق ابن عباس ، وذكره الهيثمي في «المجمع» (٤ / ١١٩ ـ ١٢٠) وقال : رواه أبو يعلى وفيه محمد بن السائب الكلبي ، وهو كذاب ا ه.

وذكره ابن حجر في «المطالب العالية» (٣٥٣٧) ونقل الشيخ الأعظمي ، عن البوصيري تضعيفه للكلبي! مع أنه متروك متهم.

ـ وأخرجه الطبري ٦٢٥٧ عن ابن جريج بنحوه وأتم وورد عن عكرمة مع أثر ابن جريج عند الطبري ، فلعل هذه الروايات تتأيد بمجموعها والله تعالى أعلم ، وانظر «فتح الباري» (٤ / ٣١٣ ـ ٣١٤).

__________________

(١) في المطبوع «فقتله هزيل».

(٢) زيادة عن المخطوط.

(٣) زيد في المطبوع و ـ ط. لكن لفظ ط «أي أوقعوا في الآذان».

(٤) زيادة عن المخطوط.

(٥) ما بين المعقوفتين في المخطوط [والمربون].