الفسيحة من الماء ـ أي المحيط ـ» .
ومن هذه الكتلة
الضخمة الواسعة تنبعث الأبخرة تحت حرارة الشمس ؛ وهي التي تعود فتسقط أمطارا يتكون
منها الماء العذب في جميع أشكاله. وأعظمها الأنهار. والتوافق بين سعة المحيط
وحرارة الشمس وبرودة طبقات الجو العليا ، والعوامل الفلكية الأخرى هو الذي ينشأ
عنه المطر الذي تتكون منه كتلة الماء العذب.
وعلى هذا الماء
العذب تقوم الحياة ، من نبات وحيوان وإنسان ..
وتصب جميع
الأنهار ـ تقريبا ـ في البحار. وهي التي تنقل إليها أملاح الأرض ، فلا تغير طبيعة
البحار ولا تبغي عليها. ومستوى سطوح الأنهار أعلى في العادة من مستوى سطح البحر ،
ومن ثم لا يبغي البحر على الأنهار التي تصب فيه ، ولا يغمر مجاريها بمائه الملح ،
فيحولها عن وظيفتها ويبغي على طبيعتها! وبينهما دائما هذا البرزخ من صنع الله. فلا
يبغيان.
فلا عجب يذكر
البحرين ، وما بينهما من برزخ ، في مجال الآلاء (فَبِأَيِّ آلاءِ
رَبِّكُما تُكَذِّبانِ؟).
ثم يذكر من
آلاء الله في البحرين بعض ما هو قريب منهم في حياتهم.
(يَخْرُجُ مِنْهُمَا
اللُّؤْلُؤُ وَالْمَرْجانُ) ..
واللؤلؤ ـ في
أصله ـ حيوان. و «لعل اللؤلؤ أعجب ما في البحار ، فهو يهبط إلى الأعماق ، وهو داخل
صدفة من المواد الجيرية لتقيه من الأخطار ، ويختلف هذا الحيوان عن الكائنات الحية
في تركيبه وطريقة معيشته ، فله شبكة دقيقة كشبكة الصياد ، عجيبة النسج ، تكون
كمصفاة تسمح بدخول الماء والهواء والغذاء إلى جوفه ، وتحول بين الرمال والحصى
وغيرها. وتحت الشبكة أفواه الحيوان ، ولكل فم أربع شفاه. فإذا دخلت ذرة رمل ، أو
قطعة حصى ، أو حيوان ضار عنوة إلى الصدفة ، سارع الحيوان إلى إفراز مادة لزجة
يغطيها بها ، ثم تتجمد مكونة لؤلؤة! وعلى حسب حجم الذرة التي وصلت يختلف حجم
اللؤلؤة!» ..
«والمرجان من
عجائب مخلوقات الله ، يعيش في البحار على أعماق تتراوح بين خمسة أمتار وثلاث مائة
متر ، ويثبت نفسه بطرفه الأسفل بصخر أو عشب. وفتحة فمه التي في أعلى جسمه ، محاطة
بعدد من الزوائد يستعملها في غذائه. فإذا لمست فريسة هذه الزوائد ، وكثيرا ما تكون
من الأحياء الدقيقة كبرا غيث الماء ، أصيبت بالشلل في الحال ، والتصقت بها ،
فتنكمش الزوائد وتنحني نحو الفم ، حيث تدخل الفريسة إلى الداخل بقناة ضيقة تشبه
مريء الإنسان.
«ويتكاثر هذا
الحيوان بخروج خلايا تناسلية منه ، يتم بها إخصاب البويضات ، حيث يتكون الجنين
الذي يلجأ إلى صخرة أو عشب يلتصق به ، ويكون حياة منفردة ، شأنه في ذلك شأن
الحيوان الأصلي.
«ومن دلائل
قدرة الخالق ، أن حيوان المرجان يتكاثر بطريقة أخرى هي التزرر. وتبقى الأزرار
الناتجة متحدة مع الأفراد التي تزررت منها ، وهكذا تتكون شجرة المرجان التي تكون
ذات ساق سميكة. تأخذ في الدقة نحو الفروع التي تبلغ غاية الدقة في نهايتها. ويبلغ
طول الشجرة المرجانية ثلاثين سنتيمترا. والجزر المرجانية الحية ذات ألوان مختلفة ،
نراها في البحار صفراء برتقالية ، أو حمراء قرنفلية ، أو زرقاء زمردية ، أو غبراء
باهتة.
__________________