بترك مقتضاه ، ويسلكون طريقا غير طريقه ، أو يتبعون نهجا غير منهاجه ، وكأن
كلمة «يخالفون» فيها معنى كلمة «يعرضون» ولذلك قال :
(يُخالِفُونَ عَنْ
أَمْرِهِ) أي يعرضون عن أمره.
ولو أنهم أصروا
على مخالفتهم ، واستمروا في غيهم ، فان الله تعالى يصيبهم بفتنة ، أي محنة في
الدنيا ، أو يصيبهم عذاب اليم في الدار الآخرة.
ويقول القرآن
الكريم في سورة الزمر : (أمن هو قانت آناء
الليل ساجداً وقائماً يحذر الآخرة ويرجو رحمة ربه ، قل هل يستوي الذين يعلمون
والذين لا يعلمون انما يتذكر أولو الالباب) . وكأن الآية تشير ـ والله أعلم بمراده ـ الى أن فضيلة
الحذر اذا تأصلت في نفس صاحبها جعلته حريصا على طاعة ربه والتعبد له ، وتوجيه
الدعاء والرجاء اليه في أوقات الليل المختلفة ، وهو يحق له بعد ذلك ان يتطلع الى
فضل الله ونعمته ، لأنه يؤمن بالله على علم ، ويعبده بفهم وحذر ، وهذه عبرة ينتفع
بها أصحاب العقول والقلوب.
* * *
ونستطيع أن
نفهم عن القرآن المجيد أن فضيلة الحذر تكون ثمرة للتفقه في الدين والتأثر بالانذار
، ولذلك يقول الله تعالى في سورة التوبة : (وَما كانَ
الْمُؤْمِنُونَ لِيَنْفِرُوا كَافَّةً ، فَلَوْ لا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ
مِنْهُمْ طائِفَةٌ لِيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ وَلِيُنْذِرُوا قَوْمَهُمْ إِذا
رَجَعُوا إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ) .
وبعد أن يستوفي
كتاب الله خطر الحديث عن حذر المؤمن من عقاب
__________________