في سورة هود حيث يقول الحق جل جلاله : (إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ وَأَخْبَتُوا إِلى رَبِّهِمْ أُولئِكَ أَصْحابُ الْجَنَّةِ هُمْ فِيها خالِدُونَ). وقد تحدث المفسرون عن معنى قوله في هذه الآية : (وَأَخْبَتُوا إِلى رَبِّهِمْ) فقالوا ان المعنى : تواضعوا لربهم وتخشعوا ، واطمأنوا اليه ، وانقطعوا الى عبادته ، وكذلك أورد ابن جرير الطبري أقوالا في معنى الاخبات هي أنه الانابة أو الخوف أو الاطمئنان أو الخشوع أو الخضوع ، ثم علق ابن جرير على هذه الآراء بقوله :
«وهذه الأقوال متقاربة المعاني ، وان اختلفت ألفاظها ، لان الانابة الى الله من خوف الله ، ومن الخشوع والتواضع بالطاعة ، والطمأنينة اليه من الخشوع له ، غير أن نفس الاخبات عند العرب الخشوع والتواضع».
وكأن الآية السابقة الذكر ـ مع ما سبقها وما لحق بها ـ استعراض لحال المشركين ، وحال الصحابة رضوان الله عليهم أجمعين ، لاظهار الفرق بين المتمردين والمخبتين ، ففي الآيات العشرين والحادية والعشرين والثانية والعشرين من سورة هود ، كان الحديث عن المشركين بقوله تعالى : (أُولئِكَ لَمْ يَكُونُوا مُعْجِزِينَ فِي الْأَرْضِ وَما كانَ لَهُمْ مِنْ دُونِ اللهِ مِنْ أَوْلِياءَ يُضاعَفُ لَهُمُ الْعَذابُ ما كانُوا يَسْتَطِيعُونَ السَّمْعَ وَما كانُوا يُبْصِرُونَ ، أُولئِكَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ وَضَلَّ عَنْهُمْ ما كانُوا يَفْتَرُونَ ، لا جَرَمَ أَنَّهُمْ فِي الْآخِرَةِ هُمُ الْأَخْسَرُونَ).
وتأتي عقب ذلك الآية التي فيها ذكر الاخبات ، وفيها صفة الصحابة المؤمنين ، فتقول كما سبق : (إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ وَأَخْبَتُوا إِلى رَبِّهِمْ أُولئِكَ أَصْحابُ الْجَنَّةِ هُمْ فِيها خالِدُونَ).
ثم تأتي عقب ذلك الآية الرابعة والعشرون ، وفيها المقارنة المميزة بين