شأنه ولا من سنته في نظام الاجتماع أن يهلك الأمم بظلم منه لهم ، أو بشرك يقع
منهم وهم مصلحون في سيرتهم وأعمالهم ، وإنما يهلكهم بظلمهم وإفسادهم ، كما قال : (وَتِلْكَ الْقُرى أَهْلَكْناهُمْ لَمَّا
ظَلَمُوا وَجَعَلْنا لِمَهْلِكِهِمْ مَوْعِداً) ، وقال في الاحكام (وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ
بِما أَنْزَلَ اللهُ فَأُولئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ).
وإذا كان
القرآن الكريم قد استعمل كلمة «الميزان» بمعنى العدل ، فإنه قدر كرر الدعوة إلى
العدل في الوزن الحسي المعروف فقال : (وَأَوْفُوا الْكَيْلَ
إِذا كِلْتُمْ وَزِنُوا بِالْقِسْطاسِ الْمُسْتَقِيمِ). وقال : (وَأَقِيمُوا
الْوَزْنَ بِالْقِسْطِ وَلا تُخْسِرُوا الْمِيزانَ). وقال : (وَأَوْفُوا الْكَيْلَ
وَالْمِيزانَ بِالْقِسْطِ). وقال (فَأَوْفُوا الْكَيْلَ
وَالْمِيزانَ وَلا تَبْخَسُوا النَّاسَ أَشْياءَهُمْ). وقال : (وَيا قَوْمِ أَوْفُوا
الْمِكْيالَ وَالْمِيزانَ بِالْقِسْطِ). وقال : (وَلا تَنْقُصُوا
الْمِكْيالَ وَالْمِيزانَ إِنِّي أَراكُمْ بِخَيْرٍ).
وحذّر القرآن
الكريم من الظلم في الكيل والوزن فقال :
«وَيْلٌ لِلْمُطَفِّفِينَ الَّذِينَ
إِذَا اكْتالُوا عَلَى النَّاسِ يَسْتَوْفُونَ ، وَإِذا كالُوهُمْ أَوْ
وَزَنُوهُمْ يُخْسِرُونَ ، أَلا يَظُنُّ أُولئِكَ أَنَّهُمْ مَبْعُوثُونَ لِيَوْمٍ
عَظِيمٍ ، يَوْمَ يَقُومُ النَّاسُ لِرَبِّ الْعالَمِينَ»؟
.. وفي هذا اليوم
الخطير يضرب الله المثل الأعلى للعدل حيث يقول : (وَنَضَعُ
الْمَوازِينَ الْقِسْطَ لِيَوْمِ الْقِيامَةِ).
ولا شك أن ضبط
الكيل والوزن مظهر جليل من مظاهر العدل تصان به الحقوق بين العباد.
* * *
ولقد عبّر
القرآن الكريم عن العدل بثلاث كلمات هي : العدل ، والقسط والميزان ؛ وقد استعرضنا
مواطن لاستعمال مادة «الوزن» بمعنى العدل في القرآن الكريم ، وأما القسط فهو
النصيب الذي يعطى بالعدل والحق ، وقد جاء في القرآن قوله تعالى : (وَإِنْ حَكَمْتَ فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ
بِالْقِسْطِ). وقوله : (وَأَقْسِطُوا إِنَّ
اللهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ) ، وقوله : (قُلْ أَمَرَ رَبِّي
بِالْقِسْطِ). وقوله : (يا أَيُّهَا
الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ شُهَداءَ لِلَّهِ).