في تشريع الأحكام والقضاء والإفتاء كافيا لنسبة التشريع الإسلامي بعد الرسول اليه وحده.
فقد كتب الفقه وقواعده العامة ، وكل ما شرعه القرآن وجاءت به السنة ، وبقيت كتبه من أعظم المصادر بعد كتاب الله عند الأئمة من أبنائه ، ولما انتهت الى حفيديه الباقر والصادق عليهماالسلام ، كانت مصدرهما في نشر تعاليم الإسلام والفقه ، وإليها كانا يرجعان ، كما ذكر ذلك الكثير من رواة حديثهم وأصحابهم ، وجاء في بعض المرويات عن الامام الباقر انه قال : عندنا صحيفة من كتب علي (ع) طولها سبعون ذراعا فنحن نتتبع ما فيها لا نعدوها.
وليس من السهل انتشارها قبل الزمن الذي عاش فيه الإمامان الباقر والصادق ، ففي عهد الخلفاء الثلاثة لم يكن بوسعه ان ينشرها بين المسلمين بعد ان منع عمر بن الخطاب من تدوين الفقه والحديث ، ودان المسلمون برأيه ، حتى أصبح سنة من سنن الإسلام. وبعد عصرهم جاءت الدولة الأموية فسخرت كل امكانياتها للقضاء على التشيع وآثاره ، وأصبح الحديث عنه يجر من ورائه أقصى العقوبات ، فكان ولا بد لتلك الآثار ان لا تظهر في تلك الظروف العصيبة من تاريخ الشيعة وقد بلغ الحال بمن كان يريد ان ينقل عن علي (ع) شيئا من الآثار ان يقول : حدثني أبو زينب. ومع ان عليا وبنيه وشيعتهم لم يكن بوسعهم ان ينشروا تلك الآثار الكريمة ، التي استمدها علي من الكتاب والرسول ، كانوا يأتون أحيانا ويحدثون بما فيها من أحكام وأحاديث تختلف عما يفتي به الجمهور أو يحدث به عن الرسول ، كما سيتبين ذلك من حديثنا عن أثر التشيع في الفقه والحديث في عصر الصحابة ، في الفصول الآتية