جريان أدلّة إبطال التسلسل في الامور المتعاقبة وإن لم تكن مجتمعة في الوجود ؛ ونحن نشير إلى كيفية جريان طرقه في تناهي الحركة والزمان ليقاس عليه البواقي :
فمنها : طريق التطبيق ؛ وتقريره أنّه لو جاز عدم تناهي الحركة أو الزمان لكان لنا أن نفرض (١) من جزء معيّن منهما إلى ما لا بداية له جملة واحدة. ثمّ نفرض من جزء قبله إليه جملة اخرى. ثمّ نطبق بين الجملتين من طرف الجزءين ؛ فإن حصل التطبيق والتساوي من الطرف الآخر لزم تساوي الكلّ والجزء ؛ وإلّا لكان الأوّل متناهيا وكذا الأكثر ؛ إذ الزائد على المتناهي متناه.
ومنها : أنّ الحركة والزمان لو كانا أزليّين غير متناهيين لكان عدد دورات كلّ من الأفلاك وعدد حركة كلّ من درجة ودقيقة وثانية وهكذا إلى غير النهاية غير متناه وكذا كان عدد كلّ من السّنين والشهور والأيّام والساعات والثواني والثوالث وهكذا إلى غير النهاية غير متناه ؛ ولا ريب في أنّ عدد الثوالث أكثر من عدد الثواني وأقلّ من عدد الروابع ، وعدد حركات الدرجات أكثر من عدد الدورات وأقلّ من عدد حركات الدقائق وهكذا في البواقي ؛ وما هو أقلّ من غيره يكون متناهيا فكذا ما هو أكثر منه بقدر متناه ؛ فيجب تناهي الأزمنة والحركات.
ومنها : أنّ الدورات الماضية والأيّام الخالية لو كانت غير متناهية لتوقّف حدوث كلّ حادث على انقضاء ما لا نهاية له من الدورات والأيّام ؛ وهو محال ؛ لأنّ الانقضاء فرع التناهي من الطرفين ؛ وغير المتناهي ولو من طرف واحد يمتنع انقضائه ؛ لأنّ معنى انقضائه أن ينقطع ويحيط بمجموعه وعاء ويتحقّق له طرفان ؛ ومع عدم حصول انقطاع أحد طرفيه لا يعقل أن تنقضي الحركة ؛ إذ الزمان المبتدأ من
__________________
(١). س : يفرض.