وجوداتها المجهولة
بالكنه وساير ما يلحقها من الماهيّات والعوارض وأنحاء التشكيك من التقدّم والتأخّر
والكمال والنقص والشدّة والضعف والغنى والفقر من اللوازم والتوابع بمعنى أنّها من
مقتضيات ذواتها المتخالفة ومنتزعاتها بعد تماميتها وليس شيء منها من ذاتياتها.
فيتخصّص كلّ منها بنفس حقيقته وساير ما يلحقه من اللوازم والعوارض يترتّب عليه ؛ ولا
يمكن استناد تخصّصها وتميّزها إلى أنحاء التشكيك ؛ لأنّها إنّما يقع في العامّ
الانتزاعي ولكونه عرضيا لها تكون أوصافه خارجة من حقائقها ؛ ولو كان اختلافها بمجرّد
التشكيك في وجود ذاتي لها لزم اشتراك الواجب والممكن في الحقيقة وكون الاختلاف
والتكثّر بمجرّد هذه الأنحاء الاعتبارية ؛ وهو باطل.
ثمّ التحقيق : أنّ الأنحاء الثلاثة تقع في الوجودات بنفس هويّاتها وفي
غيرها من المعاني والماهيّات بوساطتها. فقول المشّائين بتقدّم العقل على الهيولى
بالطبع وجزئي الجسم عليه بالطبع ؛ إذ العلّية راجع إلى التقدّم في الوجود لا في
الماهيّة أو في حمل الذاتي كالجوهر عليها ؛ ففي الوجود ما به التقدّم والتأخّر وما
فيه متّحد ؛ وفي غيرها من المعاني والماهيّات كأجزاء الزمان والعقل والنفس والأب
والابن مختلف ؛ إذ الأوّل فيها هو الوجود والثاني نفس وذاتها وماهيّاتها. فالتقدّم
والتأخّر في الوجود لنفسه وفي غيره لأجله ؛ وكما أنّ تقدّم بعض الأجسام على بعض في
الوجود لا في الجسمية فكذا تقدّم العلّة على المعلول والاثنين على الثلاثة ؛ فإن
لم يعتبر الوجود فلا تقدّم ولا تأخّر.
وبعض من صرّح
بعروض التقدّم والتأخّر بالذات للوجود وبواسطة لغيره جعل ما به وما فيه في أجزاء
الزمان لنفسه وحكم / A ٨٤ / باتّحادهما فيه
وكذا جعل الأوّل في الأب والابن الزمان وقد عرفت أنّه الوجود لا غير. نعم هما في
__________________