«ان الله كتب عليكم» الخ ، فقام عكاشة ـ ويروى سراقة ـ ابن مالك فقال : أفي كل عام يا رسول الله ، فأعرض عنه حتى اعاد مرتين او ثلاثا فقال : ويحك وما يؤمنك ان اقول نعم ، والله لو قلت نعم لوجبت ولو وجبت ما استطعتم ولو تركتم لكفرتم فاتركوني ما تركتكم ، وانما هلك من كان قبلكم بكثرة سؤالهم واختلافهم الى انبيائهم ، فاذا أمرتكم بشيء فأتوا منه ما استطعتم ، واذا نهيتكم عن شيء فاجتنبوه.
ومقصوده قدسسره من بعض الاحتمالات الذي لا يساعد عليه صدر الرواية ـ على ما سيصرح به في مبحث التكرار ـ هو ارادة الفرد او الجزء من كلمة ما ، سواء كانت موصولة او موصوفة فيبقى احتمال الوقتية.
ووجه مساعدة صدر الرواية على هذا الاحتمال دون غيره هو أن السائل في قوله «أفي كل عام يا رسول الله» ، انما سأل عن الوقت دون الفرد او الجزء. هذا ملخص مرامه.
وانت خبير بأن الظاهر من الرواية السؤال عن تكرير ايجاد الطبيعة فكأنه قال أيجب الحج مكررا ، وهذا معنى قوله «أفي كل عام» كما لا يخفى ، والنبي صلىاللهعليهوآله اجاب بنفي وجوب التكرير ، فالظاهر من الرواية ارادة الفرد من كلمة ما وكون كلمة ما موصوفة وكلمة من في قوله «منه» للتبعيض ، ويكون من تبعيض الجزئي للكلي لا الجزء للكل فيكون حاصل المقصود فأتوا فردا من كل ذلك الشىء يكون ذلك الفرد مستطاعا ، ويكون المحصل التخيير بين افراد ذلك الشيء الكلي المأمور به وانه يكفي ايجاد فرد ما ، اذ تحقق الطبيعة بتحقق فرد ما ، وهذا بخلاف المنهى عنه حيث يجب ترك جميع افراده ، اذ انتفاء الطبيعة بانتفاء جميع الأفراد ولذا قال صلىاللهعليهوآله «واذا نهيتكم عن شيء فاجتنبوه» ولم يقل فاجتنبوا منه ، وهذا كله ظاهر لا سترة عليه.