الأحكام الأصولية الاعتقادية تتعلق بعمل المكلف بواسطة في الثبوت ، أي بحيث لا يصح سلبها عنه ، والحال أن الأحكام الاعتقادية يصح سلبها عنه ولا يكون وجوب الاعتقاد بالله تعالى ووحدانيته مثلا وصفا لعمل المكلف وعارضا له بالحقيقة كما هو واضح ، بل يمكن منع كونها عارضة له بالعرض والمجاز أيضا ، اذ من الواضح ان وجوب الاعتقاد بالله تعالى مثلا لا يكون وصفا للعمل بحال متعلقه ، فلا يصح أن يقال : عمل المكلف ـ مثل شرب الماء مثلا ـ يجب الاعتقاد بالله.
ومن هنا اتضح ولاح انه لا يصح أن يراد بالواسطة المنفية فى حد الفرعية الواسطة في العروض ، إذ هو ـ وإن استقيم في حدها ـ إلّا انه لا يستقيم في حد مقابلها ، وهو الاصولية الاعتقادية ، إذ لما كان نفي النفي اثباتا فيصير الحاصل ان الاصولية الاعتقادية تتعلق بعمل المكلف بواسطة في العروض وهو باطل إلّا أن يتكلف ويتعسف بأن وجوب الاعتقاد بوجود الله تعالى وجوب الاعتقاد بمبيح شرب الماء في المثال المذكور ، فتكون القضية الاصولية الاعتقادية هكذا : شرب الماء مثلا يجب الاعتقاد بمبيحه ، فيكون الوجوب وصفا لشرب الماء بحال متعلقه وهو الاعتقاد بمبيحه. ولا يخفى ما فيه من التعسف الشديد والتكلف الاكيد.
هذا كله بناء على ما زعموا من ان نفي الواسطة في حد الفرعية للاحتراز عن الاصولية الاعتقادية ، ولا يخفى انه لو صح واستقام من جانب لم يستقم من جوانب أخر (اتسع الخرق على الراقع).
والذي اراه ان الاحكام الاصولية الاعتقادية لا تتعلق بالعمل اصلا ، فهي خارجة عن قولنا يتعلق بالعمل ، واما نفي الواسطة فهو لإخراج الاحكام الفرعية الوضعية بناء على المشهور ، كما في المحكي عن شرح الزبدة والمستقر عليه رأي المحققين كما فى المحكي عن شرح الوافية من كون الاحكام الوضعية تابعة منتزعة عن الأحكام التكليفية وليست متأصلة ، فهي ليست حكما الا بالتبع وبالواسطة ، فلا