(الخامس) أنه لو شك في مانعية شيء للصلاة ، فالحديث ـ بناء على
حمله على تمام الآثار ـ ينفع لصحة صلاته ما دام شاكا ، وإذا قطع بكونه مانعا يجب
عليه إعادة تلك الصلاة في الوقت وقضاؤها في خارجه ، كما هو مقتضى القاعدة في
الأحكام الظاهرية. وأما لو شك في انطباق عنوان ما هو مانع على شيء ، فلا يبعد ان
يقال بالاجزاء ، وإن علم بعد الفعل بالانطباق ، كما لو صلى مع لباس شك في انه من
مأكول اللحم أو غيره مثلا ، إذ مقتضى رفع الآثار عن هذا المشكوك تخصيص المانع بما
علم أنه من غير المأكول. ولا يمكن هذا القول في الأول ، إذ يستحيل تخصيص المانع
بما إذا علم مانعيته ، فتدبر جيدا.
ومن جملة ما استدل
به على البراءة صحيحة عبد الرحمن بن الحجاج فيمن تزوج امرأة في عدتها ، قال : (إذا
كان بجهالة فليتزوجها بعد ما تنقضي عدتها ، فقد يعذر الناس في الجهالة بما هو أعظم
من ذلك. قلت بأي الجهالتين أعذر ، بجهالته أن ذلك محرم عليه ، أم بجهالته أنها في
العدة؟ قال إحدى الجهالتين أهون من الأخرى ، الجهالة بان الله حرم عليه ذلك ، وذلك
لأنه لا يقدر معه على الاحتياط. قلت فهو في الأخرى معذور؟ قال نعم إذا انقضت عدتها
فهو معذور ، فله ان يتزوجها).
تقريب الاستدلال
أنه حكم بكونه معذورا ، لأنه جاهل ، فجعل
______________________________________________________
وذلك لأن ظاهر
الحديث رفع المشكوك ، ومعلوم ان رفع الجزئية كما يتحقق بالأمر بالباقي ، كذلك
يتحقق برفع الكل أصلا ، فلا يدل الرفع بوضع الأمر في الباقي إلّا بالملازمة
العلمية ، فيصير نظير الأصل المثبت في الاستصحاب ، وهو خلاف ظاهر حديث الرفع ، لكن
لا يخفى أن المانعية ليست كذلك ، لأنها لو ارتفعت كفى في كون الباقي سليما عن
المانع ...