وأما الفعل الماضي
، فالظاهر أن دلالته على مضى صدور الفعل عن الفاعل مما لا يقبل الإنكار (٥٢)
والمقصود من المضي المضي بالنسبة إلى حال الإطلاق ، حتى يشمل مثل يجيء زيد غدا ،
وقد ضرب غلامه في الساعة التي قبل مجيئه. ولا يخفى أن المعنى الّذي ذكرناه غير
اعتبار الزمان في الفعل ، لأن المضي قد ينسب إلى نفس الزمان ويقال مضى الزمان ، فمن
أنكر اعتبار الزمان في الفعل الماضي ان كان مقصوده ما ذكرنا ، فمرحبا بالوفاق ،
وان أنكر دلالته على المضي الّذي ذكرنا فالتبادر حجة عليه.
______________________________________________________
حين وجوده ،
كالعلة المؤثرة لإيجاد المعلول الخارجي ، نعم لو كان المطلق مقيدا بالزمان المتأخر
فالإرادة علة لإيجاده متأخرا ، هذا ولكنه غير كون الحال مدلول الهيئة.
لا يقال : اللغات
توقيفية ، وإنكار دلالة الفعل على الزمان اجتهاد في مقابل نصّ علماء العربية.
لأنه يقال : ان
مرجعيتهم انما هي في تعيين معاني المواد وتخصيص بعض الهيئات ببعض المواد كفعل يفعل
على مادة «ع ، ل ، م» مثلا أو غيرها. واما تعيين معاني هيئات المواد بعد العلم
بأنها وضعت لما وضعت لها بالهيئات الفارسية فمرجعه وجداننا بما نحن من أهل الفن ،
فكل ما يتبادر من لفظ «بزن» في لغة الفرس نقطع بأنه معنى «اضرب» في لغة العرب ،
ولا نبالي بمخالفتنا في ذلك لعلماء أهل العربية. ونحن نرى بالوجدان أن لفظ «بزن»
لا يدل إلّا على طلب الضرب ، وأما في أي زمان فخارج عن مدلوله.
(٥٢) ليس المراد
بيان دخل المضي أو الصدور في مدلوله حتى يقال : «علم الله» أو «كان الله» تجوّز ،
بل المراد نفس دلالته على الزمان ودلالته على أصل التحقق ، فان كان صدوريا زمانيا
فلا محالة كان صادرا في الماضي ، وإلّا فلا ، ولا يفهم منه الا أصل التحقق فمثل «كان
الله» وأمثال ذلك أيضا حقيقة كما سيصرح به.