أراد المعنى الخاصّ وتعلق غرضه بإفهام الغير ما في ضميره ، تكلم باللفظ الكذائي (٢٦) فبعد هذا الالتزام يصير اللفظ المخصوص دليلا على إرادة المعنى المخصوص عند الملتفت إلى هذا البناء والالتزام. وكذا الحال لو صدر ذلك اللفظ من كل من يتبع الواضع ، فان أراد القائل ـ بكون الألفاظ موضوعة لمعانيها من حيث انها مرادة ـ هذا الّذي ذكرناه فهو حق ، بل لا يعقل غيره. وان أراد ان معانيها مقيدة بالإرادة بحيث لوحظت الإرادة بالمعنى
______________________________________________________
لأنه يقال : ان الباقي أيضا لم يكن الا ما لا يكفي في تصوّر الشيء للإيجاد ، وقد مرّ عدم كفايته.
هل ان الألفاظ موضوعة لذوات المعاني أو للمعاني المرادة
(٢٦) بل يمكن ـ على القول بإمكان جعل العلقة ابتداء بين اللفظ والمعنى ـ أن يقال : ان المجعول هي العلقة بين اللفظ وإرادة المعنى ، لأن العلقة والاختصاص ان كانا بين اللفظ وذات المعنى فاللازم كون اللفظ دالا عليهما ، بلا صحة اسناد الإرادة والتصور إلى اللافظ ، كالحس الواقع على الشيء الخارجي ، وذلك لأن مجرد إحضار المعنى في ذهن المخاطب والانتقال من اللفظ إليه لا يستلزم صحة الإسناد ، ولذا لو قال : «ما وضعت لفظ زيد لهذا الرّجل فبعد ما يسمع الإنسان اللفظ المذكور ينتقل إلى زيد بلا صحة الإسناد.
والظاهر ان الدلالة التصديقية التي اعترف المنكر بكونها موقوفة على الإرادة في معنى كلام الشيخ هي نتيجة الوضع ، لا التصورية فقط ، فانها قد تحصل بلا وضع كما في المثال.
نعم يبقى على هذا القول أن مجرّد كون العلقة بين اللفظ وإرادة المعنى لا يوجب الا كون اللفظ موجبا لانتقال السامع إلى الإرادة والتصور المضافين إلى المتكلم ، وأما التصديق بوجودهما وصحة الإسناد إلى المتكلّم فلا محيص له عن القول بكون الوضع عبارة عن التزام الواضع بالتكلّم بلفظ خاص عند إرادة معنى مخصوص ، فتدبر جيدا.