على عقد لم يشرعه الشارع ولم يمضه (١٩٢) ومن المعلوم أن العصيان بهذا المعنى ملازم للفساد ، فتأمل.
______________________________________________________
(١٩٢) لكن الإنصاف أنه خلاف الظاهر ، فان إطلاق المعصية على مثل بيع الهواء كما ترى ، ولعلّه لذلك أو بعض ما يأتي امر بالتأمل.
ان قلت : إن المعصية في مورد الرواية ـ أعني معصية العبد للسيد ـ لم تكن تكليفية كما هو الظاهر من قول السائل (تزوج بغير اذن مولاه) وإلا كان الا نسب أن يقول (مع نهي مولاه) فحمل المعصية على التكليفي يستلزم خروج المورد.
قلت : أولا : أنه يحتمل قريبا أن يكون المراد من التزويج بغير الاذن هو التزويج مع النهي ، فان إطلاق تلك العبارة في هذا المعنى شايع ، وحملها عليه أظهر من حمل المعصية على مخالفة النهي الوضعي.
وثانيا : أنه لو سلّم ظهور المورد فيما ذكر ، نقول : خصوصية المورد لا تخصص عموم العلة ، والمعصية التي جعلت في الرواية علة للبطلان أعم من معصية الحكم الوضعي والتكليفي ، فإطلاقها يقتضي بطلان المعاملة المنهي عنها ، ولو بالنهي التكليفي. نعم لا يستفاد منها الا فساد ما كان بذاته منهيا عنه ، لا بعنوان آخر ، بل يستفاد منها الصحة فيه كما هو واضح.
والحاصل : أن دلالة الرواية على الفساد غير قابلة للإنكار. ويمكن أن يستدل له أيضا برواية تحف العقول ، حيث قال عليهالسلام : (واما وجوه الحرام من البيع والشراء ، فكل امر يكون فيه مما هو منهي عنه من جهة أكله وشربه ـ إلى قوله ـ فجميع تقلّبه في ذلك حرام) (١) فانه عليهالسلام ذكر في عداد ما فيه وجه من وجوه الفساد البيع بالربا الّذي لا فساد في متعلقه ، وإنما يكون الفساد في نفسه ، فكأن الرواية صريحة في أن المعاملة المحرمة في نفسها أيضا من وجوه الحرام. والظاهر أن المقصود من وجوه الحرام هو الفاسد من المعاملات ، ويكون وجوه الحرام ووجوه الحلال هما الوضعيّان أو ما يشملهما ، لا خصوص التكليفي ، نظير (أحل الله البيع) ويشهد له قوله عليهالسلام : (وجميع
__________________
(١) وسائل الشيعة الجزء (١٢) الباب (٢) من أبواب ما يكتسب الحديث (١)