أما الكلام في المقام الأول ، فنقول : ما يصلح أن يكون مانعا عقلا وجهان (أحدهما) انه ـ بعد فرض كون الفعل مطلوبا من المنوب عنه والأمر متوجها إليه ـ كيف يعقل ان يصير ذلك الأمر المتوجه إليه داعيا ومحركا للنائب مع انه قد لا يكون امر بالنسبة إلى المنوب عنه أيضا ، كما إذا كان ميتا (ثانيهما) أنه بعد فرض صدور الفعل من النائب بعنوان الأمر المتعلق بالمنوب عنه ، كيف يعقل ان يصير هذا الفعل مقربا له (٩٧) ، مع انه لم يحصل منه اختيار في إيجاد الفعل بوجه من الوجوه في بعض الموارد ، كما إذا كان ميتا. والفعل ما لم يتحقق من جهة الإرادة والاختيار لا يمكن عقلا أن يصير منشأ للقرب.
اما المانع الأول فيندفع بأن مباشرة الفاعل قد تكون لها خصوصيّة في غرض الآمر. وعليه لا يسقط الأمر بفعل الغير قطعا ، ولو لم يكن تعبديا وهذا واضح ، وقد لا يكون لها دخل في غرض الآمر. وهكذا الكلام في اختياره ، فلو فرضنا تعلق الأمر بمثل هذا الفعل الّذي ليست المباشرة والاختيار فيه قيد المطلوب ، فإمكان صيرورة الأمر المتعلق بمثل هذا الفعل داعيا لغير المأمور إليه بديهي ، لوضوح أنه بعد تعلق الأمر بهذا الفعل ـ الّذي لم يقيد حصول الغرض فيه بأحد القيدين المذكورين ـ لا مانع
______________________________________________________
(٩٧) وهذا واضح لأن العقل يمنع استحقاق الشخص للمثوبة وصيرورته ذا وجاهة الا بعمل نفسه ، واما ما يتراءى من مثوبة الابن لأجل أبيه فليس من استحقاق نفسه ، بل من استحقاق أبيه.
ثم ان هذا مختص بالقرب عن استحقاق ، وأما مثل المحبة إلى الأشياء النفيسة أو المحبة الحاصلة تكوينا بين شخصين من الرءوف الرحيم كالولد والوالدين أو غيرهما فهو خارج عن محل الكلام كما لا يخفى.