تتحدث عن القيامة ؛ وفي سورة الواقعة ، نجد هذا واضحاً في الآيات الاولى منها ، حيث يبدأ سبحانه بقوله : (إِذَا وَقَعَتِ الْوَاقِعَةُ).
لَيْسَ لِوَقْعَتِهَا كَاذِبَةٌ). وذلك لأنّ الحوادث التي تسبقها عظيمة وشديدة بحيث تكون آثارها واضحة في كل ذرات الوجود.
فإنّ الحشر لا يقترن بتغيير الكائنات فحسب ، بل إنّ البشر يتغيّر كذلك كما يقول سبحانه في الآية اللاحقة : (خَافِضَةٌ رَّافِعَةٌ).
أجل ، بعض يسقط إلى قاع جهنم ، وبعض آخر إلى أعلى عليين في الجنة.
وفي الخصال عن الإمام علي بن الحسين عليهماالسلام في تفسير هذه الآية أنّه قال : خافضة خفضت والله بأعداء الله في النار ، رافعة رفعت والله أولياء الله إلى الجنة.
ثم يستعرض القرآن الكريم وصفاً أوسع في هذا الجانب حيث يقول : (إِذَا رُجَّتِ الْأَرْضُ رَجًّا).
يا له من زلزال عظيم وشديد إلى حدّ أنّ الجبال فيه تندكّ وتتلاشى. قال تعالى : (وَبُسَّتِ الْجِبَالُ بَسًّا * فَكَانَتْ هَبَاءً مُّنبَثًّا).
«رُجّت : من مادة رجّ على وزن (حجّ) بمعنى التحرّك الشديد للشيء وتقال رجرجة للإضطراب ؛ وبُسّت : من مادة بسّ على وزن (حجّ) والأصل بمعنى تليّن الطحين وتعجنه بواسطة الماء ؛ وهباءً : بمعنى غبار ؛ ومنبث : بمعنى منتشر.
وبعد بيان وقوع هذه الظاهرة العظيمة والحشر الكبير يستعرض القرآن المجيد ذكر حالة الناس في ذلك اليوم ، حيث قسّم الناس إلى ثلاثة أقسام بقوله سبحانه : (وَكُنتُمْ أَزْوَاجًا ثَلثَةً).
وحول القسم الأوّل يحدّثنا القرآن الكريم بقوله : (فَأَصْحَابُ الْمَيْمَنَةِ مَا أَصْحَابُ الْمَيْمَنَةِ). والمقصود من أصحاب الميمنة هم الأشخاص الذين يعطون صحيفة أعمالهم بأيديهم اليمنى ، وهذا الأمر رمز لأهل النجاة ، ودليل الأمان للمؤمنين والصالحين في يوم القيامة ، كما ذكر هذا مراراً في الآيات القرآنية.
عبارة ما أصحاب الميمنة هو بيان حقيقة السعادة التي ليس لها حدّ ولا يمكن تصوّرها لهؤلاء المؤمنين.
ثم يستعرض الله تعالى المجموعة الثانية بقوله : (وَأَصْحَابُ الْمَشْئَمَةِ مَا أَصْحَابُ