ثم تستعرض السورة مقطعاً بارزاً من طغيان القوم وتقول : (إِذِ انبَعَثَ أَشْقهَا).
وأشقى ثمود ، هو الذي عقر الناقة التي ظهرت باعتبارها معجزة بين القوم.
وفي المجمع : عن عثمان بن صهيب عن أبيه قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوآله لعلي بن أبي طالب عليهالسلام : «من أشقى الأوّلين؟ قال : عاقر الناقة. قال : صدقت. فمن أشقى الآخرين؟ قال : قلت لا أعلم يا رسول الله. قال : الذي يضربك على هذه ـ وأشار إلى يافوخه ـ.
وثمّة تشابه بين قاتل ناقة صالح ، قدار بن سالف ، وقاتل أمير المؤمنين عليهالسلام ، عبد الرحمن بن ملجم المرادي ؛ لم يكن الإثنان يحملان عداءً شخصياً ، بل كان هدف الإثنين اطفاء نور الله والقضاء على معجزة وآية من آيات الله.
في الآية التالية تفاصيل أكثر عن طغيان قوم ثمود : (فَقَالَ لَهُمْ رَسُولُ اللهِ نَاقَةَ اللهِ وَسُقْيهَا).
المقصود من رسول الله نبي قوم ثمود صالح عليهالسلام ؛ وعبارة ناقة الله إشارة إلى أنّ هذه الناقة لم تكن عادية ، بل كانت معجزة ، تثبت صدق نبوّة صالح ، ومن خصائصها ـ كما في الرواية المشهورة ـ أنّها خرجت من قلب صخرة في جبل لتكون حجة على المنكرين.
الآية التالية تقول : (فَكَذَّبُوهُ فَعَقَرُوهَا). والعقر : ـ على وزن كفر ـ معناه الأساس والأصل والجذر ؛ وعقر الناقة قطع أساسها وإهلاكها
ويلاحظ أنّ قاتل الناقة شخص واحد أشارت إليه الآية بأشقاها ، بينما نسب العقر إلى كل طغاة قوم ثمود : فعقروها ، وهذا يعني أنّ كل هؤلاء القوم كانوا مشاركين في الجريمة.
وعقب هذا التكذيب أنزل الله عليهم العقاب فلم يترك لهم أثراً : (فَدَمْدَمَ عَلَيْهِمْ رَبُّهُم بِذَنبِهِمْ فَسَوَّيهَا).
«دمدم : تعني أهلك ، وتأتي أحياناً بمعنى عذّب وعاقب وأحياناً بمعنى سحق واستأصل ، وبمعنى سخط أو أحاط.
وسوّاها : من التسوية وهي تسوية الأبنية بالأرض نتيجة صيحة عظيمة وصاعقة وزلزلة ، أو بمعنى إنهاء حالة هؤلاء القوم ، أو تسويتهم جميعاً في العقاب والعذاب ، حتى لم يسلم أحد منهم.
ومن الممكن أيضاً الجمع بين هذه المعاني.
وتختتم السورة الحديث عن هؤلاء القوم بتحذير قارع لكل الذين يتجهون في نفس هذه