وكما أنّ ملكة الحرية والإختيار طريق إلى التكامل ، فهي أيضاً سنّة إلهية لا تقبل التغيير.
تشير الآية بعد ذلك إلى وصف أهل الجنة والسعادة حيال أهل النار ، فيقول تعالى : (وَلكِن يُدْخِلُ مَن يَشَاءُ فِى رَحْمَتِهِ وَالظَّالِمُونَ مَا لَهُم مّن وَلِىّ وَلَا نَصِيرٍ).
إنّ كلمة «ولي» تشير إلى المشرف الذي يقوم بالحماية والمساعدة بحكم ولايته ودون أيّ طلب. أمّا «النصير» فالذي يقوم بنصر الإنسان ومساعدته بعد أن يطلب العون.
(أَمِ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ فَاللهُ هُوَ الْوَلِيُّ وَهُوَ يُحْيِي الْمَوْتَى وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (٩) وَمَا اخْتَلَفْتُمْ فِيهِ مِنْ شَيْءٍ فَحُكْمُهُ إِلَى اللهِ ذلِكُمُ اللهُ رَبِّي عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ (١٠) فَاطِرُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ جَعَلَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجاً وَمِنَ الْأَنْعَامِ أَزْوَاجاً يَذْرَؤُكُمْ فِيهِ لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ (١١) لَهُ مَقَالِيدُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشَاءُ وَيَقْدِرُ إِنَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ) (١٢)
الولي المطلق : أوضحت الآيات السابقة أن لا وليّ ولا نصير سوى الله ، والآيات التي بين أيدينا تعطي أدلة على هذه القضية ، وتنفي الولاية لما دونه سبحانه وتعالى.
تقول الآية باسلوب التعجب والإنكار : (أَمِ اتَّخَذُوا مِن دُونِهِ أَوْلِيَاءَ). إلّاأنّه : (فَاللهُ هُوَ الْوَلِىُّ). فلو أراد هؤلاء أن يختاروا ولياً ، فعليهم أن يختاروا الله.
ثم تذكر دليلاً آخر فتقول : (وَهُوَ يُحْىِ الْمَوْتَى).
ويجب اللجوء إليه لا لغيره ، لأنّ المعاد والبعث بيده ، وأنّ أكثر ما يخشاه الإنسان هو مصيره بعدالموت.
ثم تذكر دليلاً ثالثاً فتقول : (وَهُوَ عَلَى كُلّ شَىْءٍ قَدِيرٌ).
وهذه إشارة إلى أنّ الشرط الرئيسي للولي هو امتلاكه للقدرة الحقيقية.
الآية التي بعدها تشير إلى الدليل الرابع لولايته تعالى فتقول : (وَمَا اخْتَلَفْتُمْ فِيهِ مِن شَىْءٍ فَحُكْمُهُ إِلَى اللهِ). فهو الوحيد الذي يستطيع أن يحل مشاكلكم.
إنّ من اختصاصات الولاية أن يستطيع الولي إنهاء اختلافات من هم تحت ولايته بحكمه الصائب.
وبعد ذكر الدلائل المختلفة على اختصاص الولاية بالله ، تقول الآيات على لسان