بعث يوم القيامة وهو يؤمن أنّ الساعة آتية لا ريب فيها ، وأنّ الله يبعث من في القبور».
بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمـَنِ الرَّحِيمِ
(تَبَارَكَ الَّذِي نَزَّلَ الْفُرْقَانَ عَلَى عَبْدِهِ لِيَكُونَ لِلْعَالَمِينَ نَذِيراً (١) الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَلَمْ يَتَّخِذْ وَلَداً وَلَمْ يَكُنْ لَهُ شَرِيكٌ فِي الْمُلْكِ وَخَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ فَقَدَّرَهُ تَقْدِيراً) (٢)
المقياس الأعلى للمعرفة : تبدأ هذه السورة بجملة «تبارك» من مادة «بركة» ، ونعلم أنّ الشيء ذو بركة ، عبارة عن أنّه ذو دوام وخير ونفع كامل. يقول تعالى : (تَبَارَكَ الَّذِى نَزَّلَ الْفُرْقَانَ عَلَى عَبْدِهِ لِيَكُونَ لِلْعلَمِينَ نَذِيرًا).
الملفت للإنتباه أنّ ثبوت البركة لذات الخالق عزوجل بواسطة نزول الفرقان ، يعني أنّه أنزل قرآناً فاصلاً بين الحق والباطل ، وهذا يدل على أنّ أعظم الخير والبركة هي أن يمتلك الإنسان بيده وسيلة المعرفة ـ معرفة الحق من الباطل.
فمقام العبودية والإنقياد التامين هو الذي يحقق اللياقة لنزول الفرقان ، ولتلقي موازين الحق والباطل.
وعبارة «للعالمين» كاشفة عن أنّ شريعة الإسلام عالمية ، بل إنّ بعضهم قد استدل منها على خاتمية النبي صلىاللهعليهوآله.
الآية الثانية تصف الله الذي نزل الفرقان بأربع صفات ، صفة منها هي الأساس ، والبقية نتائج وفروع لها ، فتقول أوّلاً : (الَّذِى لَهُ مُلْكُ السَّموَاتِ وَالْأَرْضِ).
وبالإلتفات إلى تقدم «له» على «ملك السماوات» الذي هو دليل الحصر في اللغة العربية يستفاد أنّ الحكومة الواقعية والحاكمية المطلقة في السماوات والأرض منحصرة به تبارك وتعالى.
ثم يتناول تفنيد عقائد المشركين واحدة بعد الاخرى ، فيقول تعالى : (وَلَمْ يَتَّخِذْ وَلَدًا).
وبهذا الترتيب ، يدحض اعتقاد النصارى بأنّ «المسيح» ابن الله ، أو ما يعتقده اليهود أنّ «العزير» ابن الله ، وكذلك يدحض اعتقاد مشركي العرب.
ثم يضيف جلّ ذكره : (وَلَمْ يَكُن لَّهُ شَرِيكٌ فِى الْمُلْكِ).
فإذا كان لمشركي العرب اعتقاد بوجود الشريك أو الشركاء ، ويتوهمونهم شركاء لله في