اخرى : «الكلمة» لفظ يدل على المعنى ، وبما أنّ كل موجود من موجودات هذا
العالم هو دليل على علم وقدرة الخالق ، لذا فإنّه يطلق في بعض الأحيان على كل
موجود اسم (كلمة الله) ويختص هذا التعبير أكثر بالموجودات المهمة العظيمة.
وفي الآية التي
نبحثها فإنّ (كلمة) قد استخدمت بهذا المعنى ، أي إشارة إلى موجودات عالم
الوجود التي تدل كل واحدة فيه على الصفات المختلفة لله تبارك وتعالى.
إنّ القرآن
يلفت أنظارنا في هذه الآية إلى هذه الحقيقة وهي : لا تظنّوا أنّ عالم الوجود محدود
بما تشاهدونه أو تعلمونه أو تحسّونه ، بل هو على قدر من السعة والعظمة بحيث لو أنّ
البحار تتحوّل إلى حبر ، وتكتب صفاته وخصائصه ، فإنّها ـ أي البحار ـ ستجف قبل أن
تحصي موجودات عالم الوجود.
وينبغي
الإنتباه هنا إلى أنّ الآية أعلاه في الوقت الذي تجسّد فيه سعة عالم الوجود
اللامتناهية في الماضي والحاضر والمستقبل ، فإنّها توضّح ـ أيضاً ـ العلم المطلق
وغير المحدود للخالق جلّ وعلا ، لأنّنا نعلم أنّ الله سبحانه وتعالى يحيط علمه بما
كان موجوداً في عالم الوجود ، وبما سيكون موجوداً ، وفي الوقت الذي يعتبر فيه علم
الله تعالى «علماً حضورياً» فإنّه لا يفترق عن وجود هذه الموجودات (فدقق في ذلك).
إذن نستطيع أن
نقول : لو أنّ جميع المحيطات وبحار الأرض تحوّلت إلى حبر ومداد ، ولو أنّ كافة
الأشجار تحوّلت إلى أقلام ، فإنّ ذلك كلّه لا يستطيع الإحاطة بما هو موجود في علم
الخالق جلّ وعلا.
العدد الحي هو
العدد الذي تنشغل أفكارنا به ، ويجسّد الحقائق كما هي ويملك روحاً ولساناً وعظمة.
والقرآن الكريم
بدلاً من أن يقول : إنّ مخلوقات عالم الوجود تتجاوز في كثرتها الرقم الذي تقع على
يمينه مئات الكيلومترات من الأصفار ، يقول : إذا تحوّلت جميع الأشجار إلى أقلام ،
وكل البحار إلى مواد وحبر ، فإنّ الأقلام ستتكسر ومياه البحار ستنتهي ، ولا تنتهي
أسرار ورموز وحقائق عالم الوجود ، هذه الأسرار التي يحيط بها جميعاً علم الله
تعالى.
الآية الثانية في البحث والتي هي آخر آية في سورة الكهف ، عبارة عن
مجموعة من