حديث النفس وشجونه المتنوّعة المانعة عن اتحاد الوجهة في السلوك أو الاعتقادات الفاسدة والمذاهب الباطلة المانعة عن الكمال من أنواع الجهل المركب (يُؤْفَكُ عَنْهُ) أي : بسبب ذلك القول المختلف الذي هو حديث النفس أو الاعتقاد الفاسد (مَنْ أُفِكَ) أي : المحجوب المحكوم عليه في القضاء السابق بسوء الخاتمة دون غيره أو يصرف عما توعدون من الكمال من صرف بالشقاوة الأزلية في علم الله.
[١٠ ـ ١٣] (قُتِلَ الْخَرَّاصُونَ (١٠) الَّذِينَ هُمْ فِي غَمْرَةٍ ساهُونَ (١١) يَسْئَلُونَ أَيَّانَ يَوْمُ الدِّينِ (١٢) يَوْمَ هُمْ عَلَى النَّارِ يُفْتَنُونَ (١٣))
(قُتِلَ الْخَرَّاصُونَ) أي : لعن الكذابون بالأقوال المختلفة (الَّذِينَ هُمْ فِي غَمْرَةٍ) أي : جهل يغمرهم ، غافلون عن الكمال والجزاء (يَسْئَلُونَ أَيَّانَ يَوْمُ الدِّينِ) لبعدهم عن ذلك المعنى واستبعادهم لذلك وتعجبهم منه لمكان الاحتجاب ، أي : متى وقوع هذا الأمر المستبعد (يَوْمَ هُمْ) أي : يقع يوم هم يعذبون على نار الحرمان في ظلمات الهيئات بفساد الأبدان والوقوع في الهلاك والخسران مقولا لهم.
[١٤] (ذُوقُوا فِتْنَتَكُمْ هذَا الَّذِي كُنْتُمْ بِهِ تَسْتَعْجِلُونَ (١٤))
(ذُوقُوا فِتْنَتَكُمْ) أي : عذابكم (الَّذِي كُنْتُمْ بِهِ تَسْتَعْجِلُونَ) بالانهماك في اللذات البدنية واستئثار الحظوظ العاجلة والكمالات البهيمية والسبعية.
[١٥ ـ ١٦] (إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ (١٥) آخِذِينَ ما آتاهُمْ رَبُّهُمْ إِنَّهُمْ كانُوا قَبْلَ ذلِكَ مُحْسِنِينَ (١٦))
(إِنَّ الْمُتَّقِينَ) الذين تجرّدوا عن هيئات الطبيعة وصفات النفس في جنات الصفات وعلومها (آخِذِينَ) أي : قابلين (ما آتاهُمْ رَبُّهُمْ) من أنوار تجليات الصفات راضين بها (إِنَّهُمْ كانُوا قَبْلَ ذلِكَ) أي : قبل الوصول إلى مقام تجليات الصفات (مُحْسِنِينَ) بشهود الأفعال في مقام العبادات والمعاملات كماقال عليهالسلام : «الإحسان أن تعبد الله كأنك تراه».
[١٧ ـ ٤٩] (كانُوا قَلِيلاً مِنَ اللَّيْلِ ما يَهْجَعُونَ (١٧) وَبِالْأَسْحارِ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ (١٨) وَفِي أَمْوالِهِمْ حَقٌّ لِلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ (١٩) وَفِي الْأَرْضِ آياتٌ لِلْمُوقِنِينَ (٢٠) وَفِي أَنْفُسِكُمْ أَفَلا تُبْصِرُونَ (٢١))
(وَفِي السَّماءِ رِزْقُكُمْ وَما تُوعَدُونَ (٢٢) فَوَ رَبِّ السَّماءِ وَالْأَرْضِ إِنَّهُ لَحَقٌّ مِثْلَ ما أَنَّكُمْ تَنْطِقُونَ (٢٣) هَلْ أَتاكَ حَدِيثُ ضَيْفِ إِبْراهِيمَ الْمُكْرَمِينَ (٢٤) إِذْ دَخَلُوا عَلَيْهِ فَقالُوا سَلاماً قالَ سَلامٌ قَوْمٌ مُنْكَرُونَ (٢٥) فَراغَ إِلى أَهْلِهِ فَجاءَ بِعِجْلٍ سَمِينٍ (٢٦) فَقَرَّبَهُ إِلَيْهِمْ قالَ أَلا تَأْكُلُونَ (٢٧) فَأَوْجَسَ مِنْهُمْ خِيفَةً قالُوا لا تَخَفْ وَبَشَّرُوهُ بِغُلامٍ عَلِيمٍ (٢٨) فَأَقْبَلَتِ امْرَأَتُهُ فِي صَرَّةٍ فَصَكَّتْ وَجْهَها وَقالَتْ عَجُوزٌ عَقِيمٌ (٢٩) قالُوا كَذلِكَ قالَ رَبُّكِ إِنَّهُ