وكلّ هداية نفاها عن النبىّ صلىاللهعليهوسلم وعن البشر وذكر أنّهم غير قادرين عليها فهى ما عدا المختصّ به من الدّعاء وتعريف الطريق ، وذلك / كإعطاء العقل والتوفيق ، وإدخال الجنّة ، وإلى هذا المعنى أشار بقوله : (أَفَأَنْتَ تُكْرِهُ النَّاسَ حَتَّى يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ)(١). وقوله : (وَمَنْ يَهْدِ اللهُ فَهُوَ الْمُهْتَدِ)(٢) أى طالب الهدى ومتحرّيه هو الّذى يوفّقه ويهديه إلى طريق الجنّة لا من ضادّه فتحرّى طريق الضلالة والكفر كقوله : (وَاللهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الْكافِرِينَ)(٣) ، وقوله : (إِنَّ اللهَ لا يَهْدِي مَنْ هُوَ كاذِبٌ كَفَّارٌ)(٤) الكاذب الكفّار هو الّذى لا يقبل هدايته ؛ فإنّ ذلك راجع إلى هذا وإن لم يكن لفظه موضوعا لذلك ، ومن لم يقبل هدايته لم يهده كقولك : من لم يقبل هديّتى لم أهد له (٥) ، ومن لم يقبل عطيّتى لم أعطه ، ومن رغب عنّى لم أرغب فيه. وقوله (أَفَمَنْ يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ أَحَقُّ أَنْ يُتَّبَعَ أَمَّنْ لا يَهِدِّي إِلَّا أَنْ يُهْدى)(٦) فقوله : لا يهدّى أى لا يهدى غيره ولكن يهدى ، أى لا يعلم شيئا ولا يعرف. وقرئ إلّا أن يُهَدَّى (٧) أى لا هداية له ولو هدى أيضا لم يهتد لأنّها موات من حجارة ونحوها.
__________________
(١) الآية ٩٩ سورة يونس.
(٢) الآية ٩٧ سورة الإسراء. وورد من يهد فى آيتى ١٨٧ سورة الأعراف ، ١٧ سورة الكهف.
(٣) الآية ٢٦٤ سورة البقرة ، ٣٧ سورة التوبة.
(٤) الآية ٣ سورة الزمر.
(٥) ا ، ب : اهده وما أثبت عن المفردات.
(٦) الآية ٣٥ سورة يونس.
(٧) بتشديد الدال فى ا ، ب ويقويه ما فى الكشاف : وقرئ إلا أن يهدى من هداه وهداه للمبالغة والذى فى المفردات : وقد قرئ يهدى إلا أن يهدى. وإليها أشار صاحب إتحاف البشر فقال : وقرأ حمزة والكسائى خلف بفتح الياء وإسكان الهاء وتخفيف الدال ووافقهم الأعمش (الاتحاف : ١٥٠).