إقرار بجملة الإيمان لا كُلِّه وتفصيله ، وإن كنت لا أنكر أن يراد من « بجملة للإيمان » كليّة الشيء وهو الشهادتان ، لكنْ هناك احتمال آخر يجب أخذه بنظر الاعتبار ، وهو أنّه عليهالسلام أراد الإشارة إلى الولاية كذلك ، لأنّ الإيمان حقيقته أخص من الإسلام ، فقد يكون الإنسان مسلماً لكنّه ليس بمؤمن ، كما نراه في قوله تعالى : ( قَالَتِ الأَعْرَابُ ءَامَنَّا قُل لَّمْ تُؤْمِنُواْ وَلَـكِن قُولُواْ أَسْلَمْنَا وَلَمَّا يَدْخُلِ الاْيمَانُ فِي قُلُوبِكُمْ ) (١) فقد يكون الإمام أراد الإشارة إلى هذه الحقيقة بالخصوص .
ويؤكّد قولنا ما قاله عليهالسلام : « لأنّ أوّل الإيمان هو التوحيد ، والإقرار لله بالوحدانية ، والثاني الإقرار للرسول بالرسالة » ففي كلامه تلويح إلى وجود حقيقة ثالثة يكمل بها الإيمان ، وهي الولاية .
وقد احتمل التقيّ المجلسي هذا الأمر قبلنا في شرحه على « من لا يحضره الفقيه » ، إذ قال : ويمكن أن يكون الإيمان إشارة إلى الشهادة بالولاية المفهومة من شهادة الرسالة ( مُؤذناً ) أي معلناً ( لمن ينساها ) والمرجع [ أي الضمير في ينساها يرجع إلى ] المذكورات من قبل ، من التوحيد والإيمان والإسلام (٢) .
إذن روح الإيمان هي ولاية الإمام عليّ وإن كان أصله ومنبته وأوله وأساسه الإقرار بالله وبرسوله ، ولولاها لما وصلنا إلى الكمال في الدين .
فعن حمران بن أعين أنّه سأل الإمام الباقر عليهالسلام ، قال : قلت : أرايت من دخل في الإسلام أليس هو داخلاً في الإيمان ؟
فقال : لا ، ولكنّه قد أضيف إلى الإيمان وخرج من الكفر ، وسأضرب لك مثلاً تعقل به فضل الإيمان على الإسلام ، أرأيت لو بصرت رجلاً في المسجد أكنت تشهد
__________________
(١) الحجرات : ١٤ .
(٢) روضة المتقين ٢ : ٢٦١ .