ويمتنع من سحوره والمتنفّل من تنفّله ، إذا لم يعلم حاله ، ومن علم حاله لا يستفيد بأذانه لتردّده بين الاحتمالين (١) .
وقال ابن رجب في (فتح الباري) :
فهذه الأحاديث المخرجة في هذا الباب كلّها ليس فيها دلالة صريحة على أنّ النبيّ لم يكن يؤذَّن له إلّا بعد طلوع الفجر ، وغاية ما يدلّ بعضها على أنّه كان يؤذّن له بعد طلوع الفجر ، وذلك لا ينفي أن يكون قد أُذّن قبل الفجر أذانٌ أوّل .
والأحاديث التي فيها أنّ بلالاً كان لا يؤذّن إلّا بعد طلوع الفجر أسانيدها غير قويّة ، ويمكن أن تُحمَل ـ على تقدير ثبوتها ـ على أنّه كان يؤذّن بعد طلوع الفجر الأوّل وقبل طلوع الفجر الثاني .
ويدلّ على ذلك ما روى ابن وهب قال : حدّثني سالم بن غيلان أنّ سليمان بن أبي عثمان التجيبي حدّثه عن حاتم بن عدي المحصي ، عن أبي ذر ، أنّه صلّى مع النبيّ صلىاللهعليهوآله ليلةً ـ فذكر الحديث ـ قال : ثمّ أتاهُ بلالٌ للصلاة ، فقال : أفعلتَ ؟ فقال : نعم . قال : إنّك يا بلالُ مؤذّن إذا كان الصبح ساطعاً في السماء ، وليس ذلك الصبح ، إنَّما الصبح هكذا إذا كان معترضاً ، ثمّ دعا بِسَحُوره فتسحّر .
خرّجه بقي بن مخلد في مسنده ويونس بن يعقوب القاضي في كتاب الصيام .
وخرّجه الإمام أحمد ـ بمعناه ـ من رواية رشدين بن سعد ، عن عمرو بن الحارث ، عن سالم بن غيلان ، ومن طريق ابن لهيعة ، عن سالم بن غيلان ـ أيضاً .
وقد اختُلف في هذا الإسناد .
______________________
(١) الشرح الكبير على المقنع ١ : ٤٤٣ .