لدنّيّا روحانيّا بموافقته لما جاء به الرّسول صلىاللهعليهوسلم عن ربّه عزوجل. فالعلم اللدنىّ نوعان : لدنىّ رحمانىّ ، ولدنىّ شيطانىّ وبطناوىّ (١) والمحكّ (٢) هو الوحى ، ولا وحى بعد رسول اللهصلىاللهعليهوسلم.
وقول المشايخ : العلم اللدنىّ إسناده وجوده ، يعنى أنّ طريق هذا العلم وجدانه ، كما أن طريق غيره هو الإسناد ؛ وإدراكه عيانه (٣) ، يعنى أنّ هذا العلم لا يوجد بالفكر والاستنباط ، وإنما يوجد عيانا وشهودا ؛ ونعته حكمه ، يعنى أن نعوته لا يوصل إليها إلّا به فهى قاصرة عنه. يعنى أن شاهده منه ودليله وجوده ؛ وإنّيّته (٤) لمّيّته ، فبرهان الإنّ فيه هو برهان اللّمّ ، فهو الدّليل وهو المدلول ، ولذلك لم يكن بينه وبين الغيب حجاب بخلاف ما دونه من العلوم.
والذى يشير إليه القوم هو نور من جناب الشهود بمجرد أقوى الحواسّ وأحكامها ، وتقرير لصاحبها مقامها. فيرى الشهود بنوره ، ويفنى ما سواه بظهوره. وهذا عندهم معنى الحديث الرّبانىّ : «فإذا أحببته كنت سمعه الّذى يسمع به ، وبصره الذى يبصر به ، فبي يسمع ، وبى يبصر». والعلم اللّدنىّ الرّحمانىّ هو ثمرة هذه الموافقة والمحبّة الّتى أوجبها التقرّب
__________________
(١) كذا. وكأنه نسبة إلى بطن أى من بطن صاحبه ، ومد فجعله على نسق شيطانى. والقياس بطنى. وقد يكون الأصل : بطنانى بضم الباء نسبته إلى بطنان جمع بطن ، والنسبة إلى الجمع على لفظه جائزة عند الكوفيين
(٢) فى الأصلين : «المحل» ويظهر أنه محرف عما أثبت. ويراد بالمحك ما يرجع إليه فى تمييز الصحيح من غيره
(٣) كذا فى ا. وفى ب : «عناية»
(٤) الانية : الثبوت والتحقق نسبة إلى إن التى للتوكيد ، واللمية : العلية منسوبة إلى لم. وقد دخل هذان الاستعمالان فى البرهان الانى والبرهان اللمى فى المنطق فى مباحث القياس.