وإذا استعمل فى الزمان الماضى فقد يجوز أن يكون المستعمل [فيه](١) قد بقى على حالته كما تقدم آنفا. ويجوز أن يكون قد تغيّر ، نحو كان فلان كذا ثم صار كذا ثم لا فرق بين أن يكون الزمان المستعمل فيه (كان) قد تقدّم تقدما كثيرا. نحو أن تقول : كان فى أوّل ما أوجد الله العالم ، وبين أن يكون فى زمان قد تقدّم بزمان واحد عن الوقت الذى استعمل فيه (كان) ، نحو أن تقول : كان آدم كذا ، وأن (٢) تقول : كان زيد هاهنا ويكون بينك وبين ذلك الزمان أدنى وقت. ولهذا صح أن قال : (كَيْفَ نُكَلِّمُ مَنْ كانَ فِي الْمَهْدِ صَبِيًّا)(٣) فأشار بكان إلى عيسى وحالته التى شاهدوه عليها. وقوله : (كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ)(٤) إشارة إلى أنكم كنتم فى تقدير الله وحكمه. وقول من قال : معنى كنتم هنا معنى الحال فليس بشيء. وقوله : (وَإِنْ كانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ)(٥) فقد قيل معناه : وقع وحصل. واكتان بمعنى كان. والمصدر (٦) الكون والكيان والكينونة ، ويقال كنّاهم أى كنّا لهم. وكنت الغزل أى غزلته. ويقال : كنت الكوفة أى كنت بها ويقال : منازل كأن لم يكنها أحد أى لم يكن بها.
وكان التامّة تكون بمعنى ثبت. وثبوت كل شيء بحسبه. فمنه الأزليّة : كان الله ولا شىء معه ؛ وبمعنى حدث ، نحو قوله :
(إذا كان الشتاء فأدفئونى) (٧) وبمعنى قوله تعالى : (وَإِنْ كانَ ذُو عُسْرَةٍ)(٨) ؛ وبمعنى وقع : ما شاء الله كان ؛ وبمعنى أقام ، نحو :
__________________
(١) زيادة من الراغب
(٢) فى الأصلين والراغب : «بين أن» والظاهر أن «بين» زيادة من الناسخ
(٣) الآية ٢٩ سورة مريم
(٤) الآية ١١٠ سورة البقرة
(٥) الآية ٢٨٠ سورة البقرة
(٦) أى المصدر لكان
(٧) وعجزه : فان الشيخ يهرمه الشتاء (انظر اللسان (كون)
(٨) الآية ٢٨٠ سورة البقرة