ولفظ «ما» لوضعه عامّا ، ولذا يسئل به عن شبح يرى ولا يعرف ، أو : أريد به الوصف كأنّه قيل : ومعبوديهم (فَيَقُولُ) ـ للمعبودين تبكيتا وإلزاما للعبدة وقرأ «ابن عامر» بالنون ـ : (١) (أَأَنْتُمْ أَضْلَلْتُمْ عِبادِي هؤُلاءِ أَمْ هُمْ ضَلُّوا السَّبِيلَ) أي عنه ، وحذف «عن» مبالغة ولم يقل : أضللتم أم ضلّوا لأنّ السؤال ليس عن الفعل لأنّه متحقّق وإلّا لما توجّه العتاب ، بل عن متولّيه فلزم ايلاؤه حرف الاستفهام.
[١٨] ـ (قالُوا سُبْحانَكَ) تعجّبا مما قيل لهم ، لأنّهم ملائكة وأنبياء معصومون ، أو جمادات عجزة ، أو إيذانا بأنّهم الموسومون بتسبيحه فكيف يليق بهم أن يضلّوا عباده ، أو تنزيها له عن الأنداد (ما كانَ يَنْبَغِي) ما يصحّ (لَنا أَنْ نَتَّخِذَ مِنْ دُونِكَ مِنْ أَوْلِياءَ) نتولّاهم ونعبدهم للعصمة أو العجز ، فكيف نأمر غيرنا بعبادتنا و «من» زائدة و «اولياء» مفعول و «من دونك» حال مقدّم أو مفعول ثان إن جعل «نتّخذ» متعدّيا الى اثنين كقراءة البناء للمفعول وتنسب الى «الصادق» عليهالسلام (٢) و «يعقوب» ومفعوله الأوّل ـ عليها ـ : «نحن» والثّاني : «من اولياء» و «من» للتّبعيض (وَلكِنْ مَتَّعْتَهُمْ وَآباءَهُمْ) بأنواع النّعم (حَتَّى نَسُوا الذِّكْرَ) تركوا ذكرك أو القرآن وتدبّره (وَكانُوا قَوْماً بُوراً) هالكين جمع «بائر» كحائل وحول.
أو مصدر يوصف به الواحد والجمع ويفيد أنّه تعالى لا يضلّ عباده حقيقة وإلّا كان الجواب أن يقولوا : بل أنت أضللتهم ، لا أن يقولوا : بل أنت تفضّلت عليهم. فجعلوا النّعمة الّتي حقّها أن تكون سبب الشّكر سبب الكفران ونسيان الذّكر ، فهم ضلّوا بأنفسهم وهلكوا باختيارهم الضّلال.
[١٩] ـ (فَقَدْ كَذَّبُوكُمْ) التفات للإلزام بتقدير شرطه ، أي : إن زعمتم انّهم آلهة
__________________
(١) حجة القراآت : ٥٠٩.
(٢) تفسير مجمع البيان ٤ : ١٦٢.