[٤٢] ـ (إِذْ قالَ) بدل من «إبراهيم» وما بينهما اعتراض (لِأَبِيهِ) آزر وهو عمّه.
أو جدّه لأمّه ،
سمّى أبا مجازا (يا أَبَتِ) التاء عوض عن ياء الإضافة ولذا لا يجتمعان وفيها استعطاف ،
ولذا كرّرت (لِمَ تَعْبُدُ ما) أي الذي ، أو معبودا (لا يَسْمَعُ وَلا
يُبْصِرُ وَلا يُغْنِي عَنْكَ) لا يكفيك (شَيْئاً) من جلب نفع ودفع ضرّ.
حاول هدايته فبيّن
ضلاله بأبلغ حجّة وأرفق أسلوب ، إذ لم يصرّح به بل طلب العلّة الدّاعية له الى
عبادة أخسّ الموجودات وهو الجماد مع أنّ العقل السّليم يأبى عبادة كلّما شاركه في
الإمكان والحاجة ، وان كان أشرف الممكنات كالأنبياء والملائكة فضلا عن اخسّها
كالجماد ، إذ العبادة غاية التّعظيم ولا تحقّ إلّا للواجب الغنيّ المنعم السّميع
البصير العليم القدير.
[٤٣] ـ (يا أَبَتِ إِنِّي قَدْ جاءَنِي مِنَ
الْعِلْمِ ما) أي شيء (لَمْ يَأْتِكَ) لم يسمّه بفرط الجهالة ولا نفسه بكمال العلم ، بل جعل نفسه
كذي معرفة بالدّلالة في مفازة دونه (فَاتَّبِعْنِي
أَهْدِكَ صِراطاً سَوِيًّا) طريقا مستقيما.
[٤٤] ـ (يا أَبَتِ لا تَعْبُدِ الشَّيْطانَ) أي لا تطعه في عبادة الأصنام ، فتكون كمن عبده (إِنَّ الشَّيْطانَ كانَ لِلرَّحْمنِ) المولى للنّعم كلّها (عَصِيًّا) عاصيا ، فالمطيع له عاص والعاصي حرّى بسلب النّعمة
واستحقاق النّقمة كما نبّه عليه قوله :
[٤٥] ـ (يا أَبَتِ إِنِّي أَخافُ أَنْ يَمَسَّكَ
عَذابٌ مِنَ الرَّحْمنِ) ذكر الخوف والمسّ ونكّر العذاب مجاملة ، أو تجويزا لتوبته
، وفتح «الحرميّان» و «أبو عمرو» الياء (فَتَكُونَ
لِلشَّيْطانِ وَلِيًّا) لاحقا في اللّعن ، أو قرينا في النّار.
[٤٦] ـ (قالَ أَراغِبٌ أَنْتَ عَنْ آلِهَتِي يا
إِبْراهِيمُ) قابل ملاطفاته بالفضاضة ، فقدّم الخبر على المبتدأ مصدّرا
بالهمزة لإنكار رغبته مع تعجّب.
__________________