[٢٨ ـ ٢٩] ـ (لَئِنْ) للقسم (بَسَطْتَ إِلَيَّ يَدَكَ لِتَقْتُلَنِي ما أَنَا بِباسِطٍ يَدِيَ إِلَيْكَ لِأَقْتُلَكَ إِنِّي أَخافُ اللهَ رَبَّ الْعالَمِينَ) قيل : كان هابيل أقوى منه ولكن تحرّج عن قتله ، واستسلم له خوفا من الله ، إذ الدفع لم يبح بعد ، (١) وفيه منع الاستسلام ، إذ وجوب حفظ النّفس عقلي.
والآية لا تدل عليه بل مفادها نفي بسط اليد بقصد قتله ، ولا ريب في قبح قصد القتل وحسن الدفع وان أدّى الى القتل ، لأنّه لم يقصد ، فكأنه قال : لأن ظلمتني لم أظلمك. ولتأكيد نفي هذا الفعل الشنيع عنه ، أجاب : «لئن بسطت ... ما أنا بباسط» وفتح ياء «يدي» «نافع» و «أبو عمرو» و «حفص» وياء «اني» «الحرميان» و «أبو عمرو» و «يا» (إِنِّي) «نافع» (٢) (أُرِيدُ أَنْ تَبُوءَ) ترجع متلبسا (بِإِثْمِي) بإثم قتلي (وَإِثْمِكَ) الذي كان منك من قبل ، أو إن تحمل إثمي لو بسطت إليك يدي ، واثمك ببسطك يدك إليّ. ولم يرد بالذات معصية أخيه وشقاوته ، ولكن بفرض كونهما لأحدهما البتة ، أو أرادهما لأخيه لا له.
أو أريد بالإثم عقوبته ، ولا قبح لإرادة عقاب العاصي (فَتَكُونَ مِنْ أَصْحابِ النَّارِ) بظلمك لي (وَذلِكَ جَزاءُ الظَّالِمِينَ) من قوله أو قول الله.
[٣٠] ـ (فَطَوَّعَتْ لَهُ نَفْسُهُ قَتْلَ أَخِيهِ) فيسّرته له ووسّعته ، من «طاع له المرتع» أي اتسع ، أو زيّنته له. و «له» لزيادة الربط (فَقَتَلَهُ) وهو ابن عشرين سنة ، بالهند أو «عقبة حرا» أو موضع مسجد البصرة (فَأَصْبَحَ مِنَ الْخاسِرِينَ) للدارين ، إذ بقي عمره طريدا فزعا.
[٣١] ـ (فَبَعَثَ اللهُ غُراباً يَبْحَثُ فِي الْأَرْضِ) قيل : قتله فلم يدر ما يصنع به ، إذ كان أول ميّت من الناس ، فبعث الله غرابين ، فقتل أحدهما صاحبه فحفر له بمنقاره
__________________
(١) قاله الحسن ومجاهد والجبائي ـ كما في تفسير مجمع البيان ٢ : ١٨٤.
(٢) انظر كتاب السبعة في القراءات : ٢٥٠.