عالمين أنكم لابسون كاتمون ، وهو أقبح ؛ إذ لا عذر للعالم.
[٤٣] ـ (وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكاةَ) صلاة المسلمين وزكاتهم ، فالكفار مخاطبون بالفروع كالأصول.
والزكاة من : زكا ، أي : نما أو : طهر ؛ إذ إخراجها ينمّي المال ، ويطهّره من الخبث ، ويثمر كرم النّفس ، ويطهّرها من البخل (وَارْكَعُوا مَعَ الرَّاكِعِينَ) أي : صلّوا في جماعتهم ، عبّر عن الصّلاة بالرّكوع ؛ لخلوّ صلاة اليهود عنه ، أو أريد به الخضوع والانقياد للحق.
[٤٤] ـ (أَتَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبِرِّ) توبيخ وتعجيب من حالهم. والبرّ : يعمّ كلّ خير (وَتَنْسَوْنَ أَنْفُسَكُمْ) وتتركونها. كان الأحبار يأمرون سرّا من نصحوه باتباع محمّد صلىاللهعليهوآلهوسلم ولا يتبعونه ، أو بالصدقة ولا يتصدقون (وَأَنْتُمْ تَتْلُونَ الْكِتابَ) : التوراة ، وفيها نعته ، أو : وفيها الوعيد على ترك البرّ ، ومخالفة القول العمل تبكيت مثل «وأنتم تعلمون» (١) (أَفَلا تَعْقِلُونَ) قبح ذلك فيمنعكم منه ، أو أفلا عقل لكم فيصدّكم عنه. توبيخ بليغ لمن يعظ غيره ، ولا يتّعظ نفسه ؛ بجعله كمن لا عقل له.
ومضمون الآية حثّ الواعظ على تكميل نفسه ، وتقويمها حتى يقوّم غيره ، لا منع الفاسق عن الوعظ ، لعدم اشتراطه بالعدالة فلا يوجب الإخلال بها تركه.
[٤٥] ـ (وَاسْتَعِينُوا) على مشقّة ما كلّفتموه من اتّباع الحقّ ، ورفض الجاه والمال (بِالصَّبْرِ) بكفّ أنفسكم عن هواها ، أو : بالصّوم الذي هو كفّ عن المفطرات ، فإنه يقمع الشّهوة ويصفّي النفس (وَالصَّلاةِ) فإنها ترغّب فيما عند الله ، وتنهى عن الفحشاء والمنكر ، أو استعينوا على حوائجكم بالجمع بين الصلاة والصبر على تكاليفها الشاقّة من إخلاص القلب ، والإقبال به على الله تعالى ، ومجاهدة الشّيطان ، وخشوع الجوارح ، والخشية ، واستحضار أنّه انتصاب بين يديّ جبّار
__________________
(١) في الآية ٤٢ من هذه السورة.