الملكيّة ، ومن الممكن أن يكون المجعول في باب الأمارات هو نفس العلم والإحراز لا الحكم التكليفي حتى يكون هناك حكمان يكون أحدهما مضادّا للآخر ، فحال الأمارة حال القطع الوجداني في انكشاف الواقع به ليس إلّا ، إلّا أنّ القطع طريقيّته وكاشفيّته ذاتيّة غير قابلة للجعل ، بخلاف الأمارة ، فإنّ كاشفيّتها جعليّة اعتباريّة.
هذا ، مضافا إلى أنّه لا بدّ من الالتزام بذلك ـ أي بأنّ المجعول هو نفس الكاشفيّة والطريقيّة في باب الأمارات ـ لا أنّه ممكن فقط وإن كان مجرّد الإمكان كافيا في اندفاع شبهة ابن قبة ، إذ مبنى إشكاله على ثبوت الحكمين المتضادّين : الواقعي والظاهري ، فإذا أنكرنا مجعوليّة الحكم في باب الأمارات ، تكون القضيّة سالبة بانتفاء الموضوع ، فإنّه ليس حكمان في البين حتى يستلزم اجتماع الضدّين.
ووجه لزوم الالتزام بأنّ المجعول هو نفس العلم والكاشفيّة في باب الأمارات هو : أنّ الأمارات كلّها طرق عقلائيّة لم يتصرّف فيها الشارع إلّا في بعض الموارد وزاد أو نقص عنها شيئا ، لا أنّها ممّا اخترعها الشارع من عند نفسه ، ومن المعلوم أنّ هذه الطرق عند العقلاء ليست إلّا بحكم العلم ، ويعاملون معها معاملة العلم الوجداني ، وليس عندهم أحكام عند قيام هذه الطرق ، فهي بعينها ممضاة للشارع.
وممّا ذكرنا ظهر ما في كلام صاحب الكفاية من أنّ المجعول في باب الأمارات هو التنجيز والتعذير (١) ، فإنّه مع أنّه خلاف الواقع كما ذكرنا غير معقول أيضا ، إذ المنجّزيّة عند الإصابة والمعذّرية عند المخالفة من الأحكام العقليّة
__________________
(١) كفاية الأصول : ٣١٩.