وقوله : «هلّا تعلّمت» (١) بعد سؤاله عن العمل ، وغيرها من الآيات والروايات الشاملة بإطلاقها للواجب المطلق والمشروط ، الظاهرة في أنّ التعلّم واجب نفسي.
فلو قلنا بالوجوب النفسيّ ـ كما قال به الأردبيلي وصاحب المدارك (٢) ـ فلا كلام ، وأمّا لو لم نقل بالوجوب النفسيّ ، فقد يقال بأنّه لا مانع من وجوبه بحكم العقل.
توضيحه أنّه قد يكون التعلّم من المقدّمات المفوّتة ، ولا يمكنه الاحتياط ، كما إذا علم أنّه لو لم يتعلّم ينسى الواجب في ظرفه فلم يقدر على الاحتياط ، وكما إذا دار الأمر بين المحذورين ، كما في الشكّ بين الثلاث والأربع ، فإنّه لا يقدر على إتيان ركعة منفصلة ومتّصلة معا ، أو لم يسع الوقت للاحتياط ، لكثرة أطرافه.
وقد يكون قادرا على الاحتياط في ظرفه.
ففيما إذا كان قادرا على الاحتياط قد يقال : إنّ التعلّم قبل حصول الشرط لا يجب ، لعدم وجوب ذيها ، وبعد حصول الشرط ـ وإن كان لا يتمكّن من التعلّم لكنّه يتمكّن من الاحتياط ـ فبأصل البراءة وقبح العقاب بلا بيان يرفع ، فلا يجب التعلّم.
وهو مدفوع : بأنّه حيث لا يكون لدليل حكم العقل بقبح العقاب بلا بيان في المقام حكومة على دليل وجوب دفع الضرر المحتمل ـ كما يكون كذلك في الواجبات الشرعيّة ـ نقول بالبراءة العقليّة فيها من هذه الجهة.
__________________
(١) أمالي المفيد : ٢٢٧ ـ ٢٢٨ ـ ٦ وعنه في البحار ٢ : ٢٩ ـ ١٠.
(٢) انظر مجمع الفائدة والبرهان ٢ : ١١٠ ، ومدارك الأحكام ٣ : ٢١٩.