والمائعين خصوصيّة
في نظر المولى ، فلذا يجعل عنوان أحد المائعين مرآة لما يقوم به مصلحة رفع العطش ،
فيقول : جئني بأحد هذين المائعين.
وتوضيح أصل المطلب
وتقريب المقدّمتين يمكن ببيان آخر أوفى.
فنقول : إنّ ما هو
المعروف في بيان معنى العلم الإجماليّ من أنّه ينحلّ إلى علم تفصيليّ بالجامع وشكّ
في الخصوصيّة ـ مثلا إذا علم بنجاسة أحد الكأسين ، فالعلم التفصيليّ بالنجاسة
موجود ، ولكن خصوصيّة وجوده في هذا الكأس أو ذاك مشكوك فيه ـ منظور فيه ، بل هو
بمعزل عن التحقيق.
والحقّ أنّه في
مورد العلم الإجماليّ كما أنّه يعلم بالجامع ويكون الجامع معلوما تفصيلا يكون هناك
علم آخر تفصيليّ ، وهو وجود ذاك الجامع في أحدهما ، فإذا علم إجمالا بوجوب صلاة
عليه أو بنجاسة موجودة ، فكما أنّه يعلم بوجوب الجامع كذلك يعلم بوجوب إحدى
الصلاتين أو نجاسة أحد الكأسين ، فالعلم متعلّق بجامع عنوانيّ ، وهو عنوان «أحدهما».
وتوهّم أنّ مقوّم
العلم ليس عنوان أحدهما فانيا في معنونه ، بل العلم متعلّق بفرد خاصّ مشتبه عند
العالم بإحدى الخصوصيّتين ، وإلّا فمعلومه معيّن في الواقع وفي نفس الأمر ، مدفوع
بالنقض بما إذا علم إجمالا بالنجاسة وانكشف كون الكأسين كليهما نجسين.
وبالجملة ، في
جميع موارد العلم الإجماليّ يكون المعلوم هو عنوان «أحدهما» فانيا في معنونه ، ولا
تعيّن للمعلوم ولو في ظرف الواقع.
وهذا الّذي ذكرناه
أمر وجدانيّ يتّضح لمن راجع وجدانه ، فإنّه يجد من نفسه أنّ العالم بالعلم
الإجمالي ليس معلومه منحصرا في ذاك الجامع الذاتي فقط ، بل يكون وراء ذلك الجامع
جامع آخر عنواني ، ولذا لو علم بوجوب