وحصل التعارض بينه وبين دليل آخر في مدلولهما المطابقي ، يسقط هو عن الحجّيّة ، ويبقى الآخر على حاله.
ثمّ فرّع عليه فروعا كثيرة ، منها : أنّه إذا دلّ دليل على وجوب شيء ودليل آخر على حرمته ، فبعد التساقط في مدلولهما المطابقي ـ وهو الوجوب والتحريم ـ لا يحكم بالجواز والإباحة.
هذا ، ونحن بنينا هناك على تبعيّة الدلالة الالتزاميّة الدلالة المطابقيّة حدوثا وارتفاعا ، وتحقيق الكلام فيه في محلّه.
وملخّص الجواب عنه أوّلا نقضا (١) : بأنّ لازمه أنّه إذا أخبرت البيّنة عن
__________________
[١] أقول : في كلا جوابيه النقضي والحلّي أنّهما من قبيل التمسّك بالدليل في الشبهة الموضوعيّة.
توضيح ذلك : أنّ ورود النقض منوط بما إذا كان مورد النقض غير مقبول عند الكلّ أو الخصم وحده حتى يكشف عدم صحّة اللازم عند المستدلّ عن عدم صحّة الدليل والمدّعى والملزوم ، ولا إشكال في أن يلتزم المستدلّ بهذا اللازم ، فليس مورد النقض ممّا يكون اللازم فيه مقطوع البطلان عند الخصم ، بل هو مشكوك ، ومع الشكّ يكون شرط النقض وموضوعه مفقودا. هذا أوّلا.
وثانيا : أنّ تلك المسألة ـ أعني تبعيّة الدلالة الالتزامية في الحجّية للدلالة المطابقيّة وعدمها ـ فيما إذا كان هناك دليل لفظي على شيء وكان لذلك الشيء لازم ، وفي مورد النقض ليس الأمر كذلك ، فإنّ البيّنة قامت على موضوع الحكم الشرعي ـ وهو الملاقاة ـ وثبت موضوع الحكم تعبّدا ، وليس هناك دلالة لا لفظا ولا عقلا ولا عرفا ، فإذا تبيّن الخلاف ، لا يترتّب الحكم ، وهذا كما إذا قامت بيّنة على خمريّة مائع ثمّ تبيّن خلافه ، فإنّه لا تترتّب الحرمة ، ولا ربط له بمقام الدلالة اللفظية.
وبعبارة أخرى : ليس دليل النجاسة هو البيّنة ، بل لها دليل مستقلّ ، ولا تستفاد من قيام البيّنة على الملاقاة حتى تكون مدلولة التزاميّة ، وبالجملة سواء كانت تلك المسألة صحيحة أم لا ، لا ربط لمورد النقض بها.
نعم إذا ورد دليل لفظي على وجوب غسل الجمعة وآخر على استحبابه ، فلهما دلالة ـ